كيف تحوّلين وقت تدريس طفلك من معركة إلى متعة؟

 كيف تحوّلين وقت تدريس طفلك من معركة إلى متعة؟

كل يوم، تعيش الأم المشهد نفسه، وكأنه لا ينتهي..!

داليا فنيش/ اختصاصية نفسية

تربية الأطفال في مرحلة الابتدائية تحمل تحديات يومية، خصوصًا عند التعامل مع الدراسة المنزلية. قد تجد الأم نفسها أمام صعوبة إقناع الطفل بالجلوس للقيام بواجباته المدرسية، أو تشعر بالإرهاق نتيجة تشتت انتباهه ومحاولاته المتكررة للهروب من الدرس.

لكن التربية الفعّالة لا تقوم على الغضب أو الضغط، بل على الصبر والتحفيز واستخدام أساليب إيجابية تجعل من التعلّم تجربة ممتعة وهادئة. الأم في هذا السياق ليست مجرد معلمة، هي شريك لطيف يوازن بين الحب والتوجيه، ليزرع في الطفل الرغبة في التعلم والثقة بالنفس والاعتماد على الذات.

تحديات الدراسة المنزلية

كل يوم، تعيش الأم المشهد نفسه، وكأنه لا ينتهي، تجلس مع طفلها لتساعده في إنجاز واجباته وفروضه، فتبدأ الحكاية الطويلة: يريد أن يشرب، ثم يأكل، ثم يشعر بالتعب، أو تتعب يده من الكتابة، ثم ينسى أين وصل، وأحيانًا يسرح بعينيه إلى مكان بعيد لا تعرفه الأم.

تتحدث الأم؛ فيلاحظ الطفل كأنها لا تسمع، وتشرح فتتبخر الكلمات قبل أن تصل إلى ذهنه، أحيانًا تعيد الجملة عشر مرات من دون نتيجة، وكأن بينهما جدار من الملل لا يُهدم، هذا الشعور يسبب للأم أحيانًا العجز، وأحيانًا الغضب، فتصرخ ثم تندم، وتحاول أن تكون هادئة، لكن التعب يسبقها.

الأمر يصبح أكثر إرباكًا عندما يكون الطفل في المدرسة، بخلاف هذا السلوك ذكي، شاطر، مهذب، لا يشكو من شيء، ويلمع في صفه، ما يجعل الأم تتساءل: لماذا يصعب التركيز في البيت؟ هل أنا السبب؟ هل أضغط أكثر مما يحتمل؟ أم أن الطفل فقط يريد أن يعيش لحظته بعيدًا عن الواجبات؟ 

تظل الأم تواجه التعب النفسي من شرود الطفل، تسويغاته، دموعه الصغيرة حين يغضب، لكنها أيضًا تشعر بالحب والانجذاب القوي كل مرة تسمع: "ماما، ما بدي زعلِك.

أساليب إيجابية للتعامل مع الطفل في أثناء الدراسة

1.    التهيئة النفسية قبل البدء بالدرس

  • ابدئي بالحب لا بالأمر: حضن بسيط، كلمة طيبة، أو نكتة صغيرة لتهيئة عقل الطفل لتقبل الدرس من دون توتر.
  • اختاري الوقت المناسب: تجنبي الدراسة مباشرة بعد المدرسة أو في أثناء شعور الطفل بالجوع أو التعب، امنحيه ساعة راحة خفيفة قبل البدء.
  • جهزي المكان: مكان هادئ، مضاء جيدًا، خالٍ من التلفاز والهاتف، لأن البيئة المنظمة تُسهّل التركيز وتقلّل التوتر للطرفين.

2- أساليب تواصل إيجابي

  • لغة المشاركة بدل الأوامر: قولي: "خلينا ندرس معًا اليوم!" بدلًا من "ادرس الآن!"
  • استخدام أسلوب الاختيار: "تحب أن نبدأ بالعربي أم بالرياضيات؟" تمنح الطفل شعورًا بالتحكّم وتقلّل العناد.
  • مدح الجهد لا النتيجة: "أنا فخورة بمحاولتك اليوم!" حتى لو كانت الإجابة غير صحيحة، ما يشجع الطفل على المحاولة من دون خوف.

3- أساليب تعليم ممتعة ومشوقة

  • حوّلي الدراسة إلى لعبة: استخدمي الألوان، الكروت، والمسابقات.
  •  التعلم بالحركة: الكتابة على سبورة، أو استخدام مكعبات لتجربة المسائل، هذا ينشّط الدماغ ويمنع الملل.
  • القصص والخيال: ربط الدروس بقصص أو مواقف حياتية، مثل تخيل رحلة عبر المواسم عند دراسة الفصول الأربعة.

4- أساليب تساعد الأم في الصبر

  • التنفس العميق عند التوتر: عند الشعور بالعصبية، توقفي، خذي شهيقًا عميقًا وزفيرًا ببطء، لا تكملّي الدرس وأنت غاضبة.
  • ضع حد زمني واقعي للدرس: جلسات قصيرة (20 دقيقة تركيز + 5 دقائق راحة) أفضل من الضغط لساعات طويلة.
  • تذكير النفس بالهدف: الهدف ليس إنهاء الواجب فقط، بل حب التعلم وبناء الثقة بالنفس عند الطفل.

5- بناء عادة الدراسة بالتدريج

  • الاستمرارية أهم من الكثرة؛ 15 دقيقة يوميًا بتركيز أفضل من ساعتين متعبتين.
  • جدول بسيط وواضح: وقت للدرس، وقت للعب، ووقت للنوم، يمنح الطفل شعورًا بالنظام والأمان.
  • الاحتفال بالإنجازات الصغيرة: كل خطوة نجاح تستحق كلمة فخر أو تصفيق، فهذا التعزيز العاطفي أقوى من المكافآت المادية.

الخلاصة: 

الهدوء يصنع الفرق

الطفل لا يتعلّم مع الصوت العالي، بل من الصوت الهادئ المليء بالثقة، عندما يشعر بالأمان والراحة مع الأم، يتفتح عقله، ويصبح الدرس أسهل عليه، كما يصبح وقت الدراسة تجربة ممتعة ومحفزة لكل منهما.
 

مواضيع مرتبطة

كيف تعلّمين طفلك النظافة الشخصية ؟

يتطلب تعليم النظافة أساليب تربوية وعلمية تراعي تطور الطفل النفسي والمعرفي

كيف تعالجين صعوبات تأقلم ابنتك المراهقة مع محطيها المدرسي؟

هذه المرحلة تحتاج إلى تفهّم من الأسرة والمدرسة معًا لضمان اندماج التلميذة المراهقة

كيف أساعد طفلي على التأقلم مع بداية العام الدراسي؟

الطفل يقلق من المجهول: الخوف من بيئة جديدة ومدرّسين وزملاء جدد.