لماذا يكذب الطفل؟ وكيف نشجعه على قول الحقيقة؟

لماذا يكذب الطفل؟ وكيف نشجعه على قول الحقيقة؟

يُعدّ الأمان العنصر الأساسي بالنسبة إلى الطفل كي يتعلّم قول الصدق ولا يضطر للكذب..

الصدق قيمة أساسيّة نسعى إلى غرسها في أطفالنا منذ سنّ مبكرة، ومن المألوف أن يكذب الأطفال في مراحل مختلفة من نموهم، وغالبا ما يجهد الآباء لفهم سبب كذب أطفالهم وكيفية تشجيعهم على تبني الصدق فضيلةً مدى الحياة.

تقول المستشارة النفسيّة والتربويّة الدكتورة "رولا أبو بكر" إنّ أحد الأسباب الشّائعة للكذب هو الخوف من العقاب، فقد يلجأ الأطفال إلى الكذب لتجنّب العواقب أو لحماية أنفسهم من الوقوع في مشكلات. ومن المهم أن نتذكر أنّ هذا السّلوك غالبا ما يكون مدفوعًا بغريزتهم الطبيعيّة بحثًا عن الأمان.

وتضيف "أبو بكر": "بصفتنا بالغين، علينا التعامل مع هذا السّلوك بالتعاطف، والسّعي إلى فهم المخاوف والقلق الكامن الذي يؤدي إلى عدم شعور الأطفال بالأمان من خلال إيجاد بيئة يشعرون فيها بالاطمئنان إلى قول الحقيقة من دون خوف من التعرّض لعقاب شديد، وهذا يشجعهم على أن يكونوا أكثر انفتاحًا وصدقًا".

 

جذب الانتباه

وهناك سبب آخر يجعل الأطفال يكذبون، وهو جذب الانتباه، فسعيًا منهم إلى الحصول على القبول أو الموافقة قد يبالغ الأطفال ويختلقون القصص، بحسب ما تقول "أبو بكر"، والتي تشدّد على ضرورة معالجة هذا السّلوك من خلال تزويد الأطفال ببدائل صحيّة لجذب الانتباه، مثل الانخراط في نشاطات إيجابيّة أو عرض مواهبهم أو التعبير عن أنفسهم من خلال المنافذ الإبداعيّة وتوجيه طاقاتهم.

خيبة أمل الوالدين

تلفت "أبو بكر" إلى أنّ الأطفال يواجهون ضغوطًا لتلبية التوقعات غير الواقعيّة، سواء من خلال تحقيق النجاح الأكاديمي أم عن طريق الالتزام بالمعايير المجتمعيّة. إذ غالبًا ما يؤدي الخوف من خيبة أمل الوالدين أو المعلمين أو الأقران إلى الوقوع في الكذب.

وتقول: "لذلك؛ من الضروري وضع توقعات واقعيّة لأطفالنا، والتأكيد على أنّ قيمتهم لا تحدّدها إنجازاتهم فقط، وذلك من خلال تعزيز عقليّة النّمو والتركيز على الجهد والتنمية الشخصيّة بدلًا من مجرد النتائج"، مشيرة إلى أنّ القدوة تؤدي دورًا مهمًا في تشكيل البوصلة الأخلاقيّة للطفل.

وترى أنّ الأطفال ملتزمون ويميلون إلى تقليد سلوكيّات البالغين المهمين في حياتهم، فإذا شاهدوا أنّ الوالدين أو غيرهما من القدوة ينخرطون في عدم الأمانة، فقد ينظرون إلى الكذب على أنّه وسيلة مقبولة لتحقيق أهدافهم. وعلى العكس من ذلك إذا رأوا أنّ الصدق يُقدّر وله مكافأته، فمن المرجح أن يتبنوا الصدق كقيمة أساسيّة.

وتنصح "أبو بكر" الأهل بتشجيع أطفالهم على قول الحقيقة بتهيئة بيئة من الثقة والتواصل المفتوح وعدم إصدار الأحكام. فعندما يعترف الطفل بالكذب من المهمّ الاستجابة بهدوء والاستماع إلى وجهة نظره من دون اللجوء الفوري إلى العقاب. وهي ترى أنّ هذا النهج يُشعر الأطفال بالأمان ويشجعهم على الانفتاح على دوافعهم إلى الكذب، وقد يساعد فهم الأسباب الكامنة وراء عدم أمانتهم في معالجة الأسباب الجذريّة بشكل أكثر فعاليّة.

الصدق والكذب

بدوره، يرى الخبير التربوي الدكتور "ذوقان عبيدات" أنّ الكذب والصدق قيمتان باتجاهين مختلفين. فالأصل في الأطفال أن يكونوا صادقين، وهذا يتطلّب أن تكون بيئة الأسرة والمدرسة والرفاق نماذج لتعليم الصدق، ولكن هذه ليست كلّ الحقيقة، فالأطفال يكذبون، خصوصًا إذا عاشوا في بيئة صارمة أو بيئة مهددة.

ويشرح "عبيدات" أنّ الطفل يبحث عن الأمن، فيضطر مثلًا إلى الكذب طلبًا لمكافأة أو خوفًا من عقاب، والمهمّ في علاج الكذب أن تكون البيئة آمنة خالية من التهديدات. فالأسرة، مثلًا، عليها أن تخصص وقتًا نوعيًا للجلوس مع الأطفال؛ كأن يكون هناك اجتماع أسبوعي يناقش كلّ ما يحدث مع أفرادها، وكذلك المدرسة يمكن أن تخصص نشاطات تناقش قضايا القيم.

وينصح الدكتور "عبيدات" المربّين بألا يكافئوا أي كذبة بهدف حرمان الطفل من الإفادة من الكذب، وأن يتجنّبوا العوامل المحفزة على الكذب، وأهمها البيئة المليئة بالخوف والتهديد، ما يدفع الطفل إلى الكذب لينجو بنفسه.

ومن أمثلة البيئة المحفزة على الكذب: والدان يقدمان نموذجا غير أخلاقي (يمارسان الكذب)، معلّمون يتّسمون بالقسوة، تغليظ العقوبات، بيئات لا تسمح للطفل بالتعبير عن رأيه، بيئة لا تتسع للطفل، بيئة تكافئ الكاذب وتعاقب الصادق.


ويقول الخبير التربوي إنّ العلاج يكون بالتسامح وقبول عذر الطالب حتى لا نجبره على الكذب، ومن المهمّ أن نعوّد الطلبة على أمور مثل القدرة على اكتشاف الكذب من حولهم، وتدريبهم على الشّك والنقد، وتوعيتهم بأنّ الصدق أقرب الطرق إلى النجاة.

نصائح للأهل

ويقدم موقع "رايزينغ تشلدرن" (raisingchildren) نصائح للأهل تساهم في تشجيع الطفل على قول الحقيقة، ومنها:

1-    تحدث مع أطفالك بشأن الكذب وقول الحقيقة، وقد يكون ذلك بطرح أسئلة عليهم، مثل "بمَ ستشعر أمي إذا كذب عليها أبي؟"، أو "ماذا يحدث عندما تكذب على المعلّم؟".
2-    ساعد طفلك على تجنّب المواقف التي يشعر فيها بالحاجة إلى الكذب، فإذا سألت طفلك إن كان هو من سكب الحليب على الأرض مثلا، فقد يشعر بالرغبة في الكذب، ولتجنّب هذا الموقف يمكنك أن تقول فقط "أرى أن الحليب تسبب بالفوضى.. دعنا ننظفه".
3-    امدح طفلك على اعترافه بفعل شيء خاطئ، مثلا "أنا سعيد جدا لأنك أخبرتني بما حدث، دعنا نفهم الأمر جيدا".
4-    كن قدوة لقول الحقيقة، كقول "لقد ارتكبتُ خطأ في تقرير كتبته للعمل، اليوم، أخبرتُ مديري حتى نتمكن من إصلاحه".

 

 

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

 

مواضيع مرتبطة

دورة تعليمية في اللغة الفارسية للأطفال..انضموا إليها

تهدف إلى إياد فرص نادرة للأطفال لتعلّم لغة أخرى؛ إضافة إلى لغتهم الأمّ.

كيف تجعلين طفلك يحبّ شهر رمضان ويرغب بالصوم؟

الطفل يحبّ كل ما هو جميل ومدهش، خصوصًا عندما يتغيّر الروتين اليومي للعائلة.

عادات لا تنقليها إلى أطفالك في شهر رمضان المبارك

يفرح الأطفال بشهر رمضان المبارك فرحة كبيرة، بسبب تغيير روتينهم اليومي ومشاركتهم أهلهم الإفطار وحتى محاولة الصيام مثلهم..