«أبي وأمّي متسلّطان».. كيف يضيع طفلكما؟

 

أهمّ السلوكيات الخاطئة التي يمارسها الوالدان في تربية الأبناء هو التسلط، ويعني أن يكون للوالدين السلطة المطلقة في إدارة أمور الطفل والمبالغة في التشدد مع عدم الاهتمام بحاجاته ورغباته والوقوف حائلًا أمام قيامه بسلوك معين.

يرجع علماء النفس معاملة الطفل بهذا السلوك إلى كثير من الأسباب، أهمها أن بعض الآباء قد يكونون ملتزمين في تطبيق المعايير المختلفة على أولادهم، فيكثرون من النصح أو النقد اللاذع أو التوجيه الصارم. وقد يكون وراء استعمال الآباء لهذا السلوك نوع التربية التي تلقاها الآباء في طفولتهم. سلوك التسلط هذا الذي يمارسه الوالدان مع أبنائهم يعني السيطرة على الطفل في قراراته كلها واختيار أصدقائه وطريقة توجيهه توجيهًا مباشرًا في أفعاله كلها، وفرض رأي الآباء بكل قوة من دون النظر إلى حال الطفل النفسية والبيولوجية، ما يؤثر في شخصيته وثقته بنفسه.


مظاهر أسلوب التسلط فى التربية

من مظاهر التسلط على الطفل عزله ومنعه من اللعب، فيقتل فيه روح الإبداع والابتكار، ويفقده القدرة على إبداء الرأي والمناقشة واتخاذ القرار، ويجعله يشعر بالخجل والقلق والتوتر بشكل دائم. وقد يؤدي به ذلك إلى العناد والعدوانية وانفصاله عن الآخرين وبقائه وحيدًا في معظم الوقت. والعزل مرتبط ارتباطًا واسعًا بالمشكلات وصعوبات التعلم وسوء التكيف والمشكلات الانفصالية والسلوكية، الأمر الذي يؤدي إلى تطور سلوك منحرف.


آثار التسلط في الطفل

هذا السلوك من جانب الآباء في تربية الأبناء له عيوب وآثار جسيمة على شخصية الطفل وسلوكه؛ ومنها:

  1. غالبًا ما يمارس الطفل الأسلوب نفسه عندما يكبر مع أقرانه أو أولاده فيما بعد، فضلًا عن تقلب انفعالاته وعزلته وصعوبة معرفته بالصواب والخطأ. 
  2. صعوبة تعلم الطفل التفكير الناقد وحسن ممارسته، ما يؤدي إلى قبوله الأمور على علّتها وعدم القدرة على إبداء النقد لمعلومة ما أو لموقف ما.
  3. يبحث عن القدوة من خارج الأسرة؛ فلا ينبغي إجبار الطفل على عمل لا رغبة له فيه، لأنه لن يفلح فيه. 
  4. عدم قدرته على التعبير عن المواقف الحياتية التي تواجههم، والذي يؤدي بدوره إلى ضعف نمو مهارات الطفل الاجتماعية. 
  5. تنمي لدي الطفل سلوك التعصب والخوف وـروح التسلطية والعدوانية بعدما يشب ويكبر.


أسباب استخدام الوالدين أسلوب التسلط فى التربية

من ضمن الأسباب التي تدفع الأهل إلى ممارسة التسلط مع أبنائهم :

  1. انعدام الحوار، في بعض البيوت، بسبب بعض المعتقدات والمفاهيم التي يطبقها الوالدان في التربية .
  2. فرض التحكم في أسلوب الحياة الأسرية .
  3. إتباع منهجية الحضور المهيب.
  4. إصدار الأوامر التي يجب أن تنفذ وتطبق من غير نقاش.
  5. اعتقاد بعض الآباء أن أي انتقاد أو مراجعة من أولاده يحـطّ مـن قـدره، ويضع من شأنه.


كيفية معالجة أسلوب التسلط

  1. يجب على الوالدين أن يستخدما أسلوب الحوار والمناقشة مع الأبناء 
  2. البعد عن الأسلوب التسلطي في إصدار الأوامر والقرارات الأسـرية؛ فيبـدأن في مناقشة أي قرار أو أمر أسري يكون طرفه الأبناء، فيفتحان المجال للحوار ويبدأن بالاستماع لأراء الأبناء في ذلك الأمر، وإيجابياته وسلبياته، ويستثمران آراءهما في تصحيح الأفكار، وبذلك يكون الوالـدان قد أسهما في بثّ قيم الحوار في نفوسهم.

إذ للحوار مع الأبناء آثار تربوية مفيدة في الطفل والأسرة، وأهمهـا:

  1. حوار الآباء مع الأبناء يدفع الملل، ويقود إلى الاهتمام والمتابعة.
  2. يشيع جوًا من المودة والتآخي؛ إذ الهدف منه ليس إلغاء شخصية الأبناء؛ بـل لتوضيح القضايا والملابسات.
  3. تربية الأبناء على الحوار يساعد في إيقاظ العواطف والانفعالات، ما يـساعد في تربيتها وتوجيهها نحو المثل الأعلى.
  4. إن الحوار مع الأبناء من أفضل سبل تغيير قناعة الأبناء نحو أفكار معينة.
  5. يحقق علاقة تفاعلية بين الآباء وأبنائهم .
  6. يبني شخصية الطفل ويجعله شخصية متميزة اجتماعية.


المصادر:

  • شحاته؛أحمد عبد الفتاح احمد(2017).دور التربية الإسلامية في تعديل بعض السلوکيات الخاطئة لدى الأسرة المسلمة , التربية (الأزهر): مجلة علمية محکمة للبحوث التربوية والنفسية والاجتماعية, 36.175 جزء3: 415-482.
  • بكار، عبد الكريم، ٢٠٠٩، التواصل الأسري( كيف نحمي أسرنا من التفكـك(، ط٢، القاهرة، دار السلام للطباعة والنشر، موقع صيد الفوائد

 

الكاتب: مازن أيمن

مواضيع مرتبطة

تربية أطفال أقوياء وواثقين.. ما رأي علم النفس؟

محاولة الطفل كسب القبول الدائم تجعله يفقد هويته.

هل تشجع روبوتات الدردشة على الانتحار؟

المراهقون قد يجدون أنفسهم أمام روبوت دردشة يزوّدهم بمعلومات تؤدي إلى قرارات مأساوية

الألعاب غير الإلكترونية سرّ الطفولة السعيدة

التلفزيون أو الجهاز اللوحي على المدى الطويل يسرق منه لحظات لا تُعوّض من النمو والتطور