الحقيبة المدرسية الثقيلة.. عبء يومي على أكتاف أطفالنا

الحقيبة المدرسية الثقيلة.. عبء يومي على أكتاف أطفالنا

أرى، في كل صباح، ابني يقاوم التعب منذ اللحظة التي يضع فيها الحقيبة على ظهره

المعالجة النفسية داليا فنيش/ موقع "أمان الأطفال"

 

تُعد الحقيبة المدرسية جزءًا أساسيًا من حياة التلميذ اليومية، فهي الرفيق الذي يصاحبه صباحًا ومساءً، وتحمل كتبه وأدواته الدراسية وأحلامه في طلب العلم. مع أنه من المفترض أن تكون الحقيبة المدرسية وسيلة مساعدة، إلا أن كثيرًا منها تحولت إلى عبء ثقيل يرهق أجساد الأطفال الصغيرة ويقلق أسرهم، ما يثير قلق التربويين والأطباء، على حد سواء.

 

أولًا- أهمية الحقيبة المدرسية

ليست الحقيبة مجرد وسيلة لحمل الكتب، هي أداة تنظيمية تساعد الطفل في ترتيب حاجياته الدراسية، وتعزز إحساسه بالمسؤولية والاستقلالية. كما تمثل رمزًا للانتماء إلى المدرسة وتجربة يومية في رحلة التعلم، ويجب أن تُصمم بطريقة لا تؤثر سلبًا في صحة الطفل أو نشاطه.

ثانيًا- مشكلة الوزن الزائد

في السنوات الأخيرة، لوحظ أن كثيرًا من الحقائب المدرسية أصبحت أثقل من اللازم، وتتجاوز في بعض الأحيان 20% من وزن الطفل. والدراسات التربوية والصحية توصي بأن لا يزيد وزن الحقيبة عن 10% من وزن التلميذ.

ثالثًا- آراء وانتقادات

1- الأم وخوفها على صحة ابنها

تواصل موقع الأطفال مع إحدى الأمهات للحديث عن هذه الظاهرة المقلقة؛ فقالت: "رجائي كبير لو لم يكن حمل حقيبة المدرسة عبئًا على طفلي الصغير... أرى، في كل صباح، ابني يقاوم التعب منذ اللحظة التي يضع فيها الحقيبة على ظهره، وأشعر بالقلق الشديد على صحته. ألاحظ كيف تنحني كتفاه قليلًا بسبب الوزن، وكيف يبدو متعبًا قبل أن يبدأ يومه الدراسي"..

تتابع: أحيانًا أفتح حقيبته لأرى كم من الكتب والأدوات التي لا يحتاج إليها في ذلك اليوم، فأجد نفسي مضطرة لتخفيفها عنه. وأشعر بالحزن عندما يسبق التعب التعلّم، وأعلم أن الإرهاق الجسدي ينعكس على تركيزه واستيعابه للدروس. أرى أن الحل يحتاج إلى تعاون الجميع: المدرسة والأهل، فالتخفيف عن الطفل في هذه المرحلة العمرية يجعل التعلّم رحلة ممتعة وآمنة".

2- المعلمة وقلقها على نجاح التعلّم

كما تقول إحدى المعلمات: "خلال عملي اليومي في المدرسة؛ ألاحظ بوضوح كيف يؤثر وزن الحقيبة في التلاميذ، منذ لحظة دخولهم الصف. بعض الأطفال يأتون متعبين ومرهقين، ويظهر على كتفيهم انحناء طفيف بسبب الوزن الزائد، وأحيانًا يحاولون إعادة توزيع الحقيبة في أثناء الحصص لتخفيف الثقل.".

تتابع:" هذا الإرهاق الجسدي ينعكس على قدرتهم على التركيز والمشاركة في الدروس. ألاحظ كذلك أن بعضهم يتركون كتبهم في البيت لتخفيف الحقيبة، وعندما يحتاجون إليها في أثناء الدرس يجدون صعوبة في متابعة الشرح، ما يؤثر سلبًا على تحصيلهم الدراسي. الجانب النفسي أيضًا واضح، فالتلميذ المتعب يشعر بالإحباط، ويصبح أقل حماسًا للتعلم والمشاركة في الأنشطة الصفية. الحل يحتاج إلى تعاون المدرسة مع الأهل لتخفيف الحمل وتحسين بيئة التعلم".

3- التلميذ

كذلك التقى موقع "امان الأطفال" مع أحد التلاميذ، ليعبر نيابة عن زملائه عمّا يعني له حمل الحقيبة المدرسيةا لثقيل؛ فقال : "أنا اسمي علي، وعمري 10 سنوات، وأدرس في الصف الرابع. كل يوم أذهب إلى المدرسة بحقيبتي الثقيلة، وأحيانًا أشعر وكأنها أكبر من جسمي. عندما أضعها على ظهري، أشعر بثقلها على كتفي وظهري، وأصبح متعبًا قبل أن يبدأ الدرس الأول".

يتابع علي: "أحيانًا؛ أمشي ببطء حتى أتحمل الوزن، وأجد صعوبة في صعود الدرج. وأحيانًا؛ أضطر إلى ترك بعض الكتب في البيت لتخفيف وزن الحقيبة، على الرغم من شعوري بالقلق كونها قد تكون ضرورية في الدرس. أمل لو كانت حقيبتي أخفّ وزنًا أو لو كان بإمكاني استخدام كتب رقمية، لأتمكّن من التركيز واللعب بعد المدرسة من دون تعب. أنا أحب المدرسة، وأكره دومًا شعوري بالتعب..".

رابعًا- الآثار السلبية للحقيبة الثقيلة

  1. الآثار الصحية
  • تشوهات في العمود الفقري واعوجاج الكتفين.
  • آلام مزمنة في الظهر والرقبة.
  • إرهاق عام وصعوبة في الحركة.
  1. الآثار النفسية
  • شعور الطفل بالضغط والتعب منذ الصباح.
  • ضعف الحماس للذهاب إلى المدرسة.
  • ارتباط سلبي بين التعلم والإجهاد الجسدي.
  1. الآثار التربوية
  • انشغال الطفل بالجانب الجسدي على حساب التحصيل الدراسي.
  • فقدان التركيز داخل الصف بسبب التعب.

 

خامسًا- على من تقع المسؤولية؟

المسؤولية مشتركة بين:

  • المدرسة: بسبب البرنامج التعليمي غير المتوازن وعدم توفير خزائن لحفظ الكتب.
  • الأهل: لعدم تسجيل اعتراضهم في المدرسة وإبداء خوفهم على صحة أولادهم، ولعدم تفقّدهم الحقيبة بحال يضع ابنهم كتبًا أو أشياء لا يحتاج إليها.
  • التلميذ: أحيانًا يضيف أغراضًا لا يحتاج إليها.

 

سادسًا- الحلول التربوية المناسبة

  • تنظيم جدول البرنامج الدراسي بشكل متوازن لتخفيف الحمل اليومي.
  • توفير خزائن أو رفوف في المدارس لحفظ الكتب والأدوات.
  • استخدام الكتب الرقمية والأجهزة اللوحية لتقليل الوزن.
  • تقسيم الكتب الكبيرة إلى أجزاء أصغر (فصل أول – فصل ثانٍ).
  • اختيار حقيبة صحية مبطنة بحمالات عريضة أو مزودة بعجلات.
  • توعية الأهل والتلاميذ بكيفية ترتيب الحقيبة بشكل صحيح.
  • تنظيم حملات توعوية داخل المدرسة عن مخاطر الحقيبة الثقيلة.

 

في الختام؛

لقد أصبحت الحقيبة المدرسية الثقيلة قضية تربوية وصحية ونفسية تمسّ حاضر الطفل ومستقبله. وتقع المسؤولية على الأسرة والمدرسة والمجتمع لتخفيف هذا العبء، لضمان أن يذهب الأطفال إلى المدرسة بخفة ونشاط، ويعودوا إلى منازلهم بالعلم والفرح، لا بالتعب والآلام. والهدف الأساسي هو أن تكون المدرسة رحلة تعليمية ممتعة وآمنة، لا مصدر إرهاق يومي للأطفال.

 

 

مواضيع مرتبطة

طفلك والمنبه السحري دليل المرح لتعلّم إدارة الوقت

وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ،... هل تعلّم طفلك قيمة الوقت؟

ثلاث سمات في الطفولة تنذر باضطرابات شخصية خطيرة

إحداها: أن الطفل سيركز على تحقيق رغباته الشخصية فقط.