حملة شاملة في لبنان تمتد إلى عام كامل لحماية الأطفال من سوء استخدام الإنترنت

حملة شاملة في لبنان تمتد إلى عام كامل لحماية الأطفال من سوء استخدام الإنترنت

لا يعتقد أن مشاركة بعض الجمعيات والمؤسسات كافٍ لإنتاج أي أثر تغييري ما لم تشارك العائلات نفسها..

 

أجرت اللقاء: ياسمين مصطفى الطحان/ خاص موقع "أمان الأطفال"

ضمن إطار البرنامج الوطني لحماية الأسرة والطفولة ولمناسبة اليوم العالمي لحماية الأطفال من سوء استخدام الإنترنت، الذي يصادف في 11 شباط من كل عام. أطلق المجلس الأعلى للطفولة حملة إعلامية إعلانية في هذا الإطار تحت عنوان "بهاللحظة أولادكم معرضين للخطر"، الفكرة ليست وليدة اللحظة، ذلك أنّ المجلس الأعلى للطفولة كان قد أنشا "لجنة حماية الأطفال من سوء استخدام الأنترنت في العام 2007". وقد بدأ منذ ذلك الحين العمل على مواجهة مخاطر الإنترنت، التنسيق مع عدة جهات أهلية وأكاديمية وبالشراكة مع جهات معنية في القطاع العام. وهذا يعني أنّ المجلس الأعلى للطفولة  كان يعي مخاطر سوء استخدام الأنترنت منذ مدة طويلة نسبيًا.

 

أهداف الحملة والمشاركون فيها

لهذا الغرض التقى "أمان الأطفال" مع السيدة زينب اسماعيل، وهي عضو في المجلس الأعلى للطفولة وعضو في الشبكة الاعلامية الخاصة بحماية الأطفال، والتي بيّنت أن الحملة قد ارتأت أن تحمل في هذا العام في طياتها، أكثر من هدف. أولها؛ إعادة تفعيل عمل اللجنة المذكورة بعد كل التحديات التي مرّ بها الوطن، لاسيما مع تعاظم مخاطر سوء استخدام الإنترنت في الآونة الأخيرة، فضلًا عن سيولة المعلومات وتدفقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يعد من الممكن ضبطها، إلا بحملات توعوية يشارك فيها الجميع ويتحمل فيها الجميع المسؤولية الوطنية لحماية الجيل الجديد من خطورة هذه الآفة.

لذلك؛ اتخذ المجلس الأعلى للطفولة الخطوة نحو تفعيل العمل المجتمعي، من هنا نلاحظ أنّ الحملة التي أطلقها المجلس قد استطاعت أن تستقطب أوسع شريحة ممكنة من الشركاء الفعليين. عنيت بهم كل الوزارات المعنية بالطفولة (وزارة الصحة، وزارة التربية، وزارة الشؤون، وزارة الإعلام ووزارة العدل) إلى جانب مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، المركز التربوي للبحوث والإنماء، أوجيرو، فضلًا عن اتحاد نقابات الأهل في المدارس الخاصة، وعدد لا يستهان به من الجمعيات الأهلية المعنية بالطفولة بشكل مباشر، إلى جانب المشاركة الكشفية مع عدد من المؤسسات الكشفية.

من المفيد الإشارة إلى أنّ التنسيق مع هذه المروحة الواسعة من الشركاء الفعليين، يؤشر إلى أهمية الموضوع وخطورته من جهة، ويعمل على خلق ما يسمى بالموزاييك الوطني في مواجهة هذه الأفة. وعليه نرجو أن تكون الفعاليات  والأنشطة المرافقة على قدر المخاطر. 

 

الحملة ستستمر عاما كاملا؛ لماذا هذه المدة؟

تقول اسماعيل إنّ الحملة انطلقت في الحادي عشر من شباط الماضي، لكنها ستستكمل على مدار العام، أظن أنّها مدة زمنية مقبولة نسبيًا للبدء بنشر التوعية المجتمعية عن أهمية التفاعل مع الإنترنت بأساليب أكثر آمانًا. هذا لا يعني أنّه بعد انقضاء هذه المدة سيتوقف النشاط أو الفعاليات أو الأثر المتوخى من إطلاق هذه الحملة. إذا إنّ هدف الحملة الأساس هو ديمومة العمل على نشر الوعي في هذا الإطار.

لذلك تنوعت فعاليات الحملة: بين بعض الإطلالات الإعلامية مع مختلف الجهات المشاركة في هذه الحملة، توزيع فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تلفت إلى أهمية المراقبة الوالدية أثناء استخدام الانترنت. إقامة أنشطة تفاعلية موجهة للأطفال في معظم المناطق اللبنانية بالتنسيق بين الجمعيات الأهلية المعنية بالأطفال والمجلس الأعلى للطفولة. أضف إلى ذلك بعض الأنشطة التربوية التفاعلية التي يقيمها المجلس الأعلى للطفولة بالتنسيق مع بعض المدارس، والتي تهدف إلى حثّ الطلاب على التعامل الآمن مع الإنترنت، وكيفية مواجهة الأخطار الناجمة عن أيّ محاولة ابتزاز الكتروني مفترضة.

 

فعالية مشاركة الجمعيات والمؤسسات

لا يعتقد أن مشاركة بعض الجمعيات والمؤسسات كافٍ لإنتاج أي أثر تغييري ما لم تشارك العائلات نفسها.. فهل هناك من مشاريع وأفكار تدمج الأهالي مباشرة في هذه الحملة؟

تشرح إسماعيل أنه ممّا لا شك فيه أنّ ملاحظة أيّ أثر تغييري، لا يقاس إلا من خلال الفعل التراكمي لكل الجهود المبذولة، بين كل الأفرقاء، والعائلة هي شريك أساسي، وهي المستهدَف الأول من خلال إطلاق هذه  الحملة، وذلك عبر العديد من الأنشطة التي تواكب الأهل من خلال البرامج التوعوية المتنوعة، ثمة تدريبات أعدّت خصيصًا للأهل والأطفال على حد سواء حول ضرورة مواكبة الأهل لأطفالهم خلال عملية ولوجهم العالم الافتراضي، وعدم تركهم رهينة مخاطر ذاك العالم. وهذا بدوره يتطلب مواجهة تحديات عديدة منها مثلًا : ظاهرة تشجيع الأهل لأولادهم حين يرونهم أنهم أصبحوا "مؤثرين"  أو ما يسمى بال/ BLOGERS، على وسائل التواصل الاجتماعي مع العلم أن انتشار هذه الظاهرة قد تشكّل خطرًا على حياة الأطفال والمراهقين بسبب  تعرّضهم لاستغلال مادي أو معنوي. 

كذلك لفتت اسماعيل إلى ظاهرة شديدة الخطورة، أيضًا تتمثل بالسماح للأطفال ما دون الثلاث سنوات أو الأربع سنوات باستخدام الهاتف من دون ضوابط. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عدة دراسات أجريت على الأطفال ما دون عمر السنة الذين يشاهدون بعض الأفلام عبر الهاتف في أثناء تناول وجبة الطعام، وتبيّن أنّ ذلك يؤثر سلبًا على الجهاز العصبي للطفل. لذلك نلاحظ أنه بمجرد سحب الهاتف من يديه ينفجر بالصراخ والبكاء.  وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية دور دائرة الصحة النفسية في وزارة الصحة بوصفها شريك أساسي في هذه الحملة، ووظيفتها في بث الوعي عند الأهل ومعالجة بعض المشكلات الناتجة عن تلك المخاطر بالأساليب المناسبة.

 

هل للأطفال دور في هذه الحملة؟

تجيب إسماعيل أن لمشاركة الأطفال الأثر الكبير والمهم في نجاح هذه الحملة، وقد ذكرت سابقًا أنّ معظم الأنشطة والفعاليات، بالتعاون مع المدارس، أو بالتعاون مع بعض المؤسسات الكشفية، أو تلك الأنشطة التي تجري بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية المعنية مباشرة بالطفولة، كلها أنشطة تتفاعل بشكل مباشر مع الجيل الجديد. وهنا هي تلفت إلى أنّ في جعبة المجلس الأعلى للطفولة العديد من المشاريع التي تتوجه للأطفال وتعمل على إشراكهم في العملية الإنتاجية والثقافية، منها مثلًا "مشروع برلمان الطفل العربي" الذي ينظمه المجلس الأعلى للطفولة بالشراكة مع جامعة الدول العربية، ويهدف إلى إبراز مهارات وكفاءات الأطفال لتولي مراكز قيادية والإسهام في صناعة التغيير.

 

ما دور المدارس في هذه الحملة؟

تكشف إسماعيل أن المجلس الأعلى للطفولة قد عمل على إشراك المدارس في هذه الحملة وفي غيرها من الأنشطة والفعاليات التي يقيمها، وهو على تنسيق دائم مع المدارس، إن من خلال تمثيل لنقابة لجان الأهل في المدارس الخاصة، في أعمال المجلس، أو من خلال مشاركة بعض المدارس في البرامج التي يطلقها المجلس إن كان في الحملة الوطنية لحماية الأطفال من سوء استخدام الإنترنت أو في غيرها من البرامج المخصصة للأطفال. والمجلس يسعى إلى أوسع مشاركة ممكنة في هذا الإطار لخلق مزيد من الوعي المجتمعي الذي يحمي الأسرة والطفولة.

 

دور وسائل الإعلام في هذه الحملة

تؤكد إسماعيل أنّ ثمة دور مهم تؤديه وسائل الإعلام من خلال الترويج لهذه الحملة، وهي بثّ مزيد من الوعي بينالأطفال والمراهقين والأهل عن كيفية التعاطي السليم مع العالم الافتراضي، وتشير إلى مؤتمر "إعلان بيروت : إعلام صديق للطفولة" الذي أطلقه المجلس الأعلى للطفولة بالشراكة مع وزارة الإعلام في العام 2015، وأعلن من أروقة وزارة الإعلام حينها، عن "المبادئ المهنية لمعالجة الإعلام العربي قضايا حقوق الطفل العربي"، والتي تنص على المسؤولية المهنية والإنسانية لخلق إعلام تنموي مستنير، وصولًا إلى إعلام صديق للطفولة يدفع إلى رفع مستوى الوعي العام بقضايا الأطفال بحقوقهم وحمايتهم ما يضمن تنشئة جديدة لأجيال واعية، لمستقبلها ومصيرها. وعليه؛ فإنّ هذه الحملة اليوم تصب في الإطار نفسه، والوعي بالمسؤولية الاجتماعية يُحتّم على الإعلام أن يؤدي الدور الوطني في هذا الإطار.

 

في هذا الإطار؛ لا بد من التنويه بالخطوط الساخنة الآتية للتبليغ عن أي مشكلة يتعرض له الطفل عبر الإنترنت:

الخط الساخن لوزارة التربية -77228801

الخط الساخن لمكافحة الجرائم المعلوماتية- 01293293

الخط الساخن للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - 112/1745

مواضيع مرتبطة

د. أبو سعد لموقع أمان الأطفال : إدمان الأطفال الإلكتروني أخطر من إدمان المخدرات

ماذا يفعل "صوم الدوبامين" بالطفل المدمن على استخدام الأجهزة الإلكترونية؟

كيف أصنع من طفلي شخصية سويّة؟

ثناء الوالدين على بعض سلوكيات طفلهما، من دون مبالغة، يجعله فخورًا بنفسه وبحب والديه له.

السيكودراما علاج حديث للاطفال في لبنان .. «نادي مش عادي» يروي تجارب حية

كان خال الطفلة يعنّفها، وأمها لا تعلم سر تدهور وضعها النفسي وتحولّها إلى عدوانية..

كلمات مفتاحية

نصيحة من متخصص