هل التعرّف إلى أصدقاء أولادك أمرٌ ضروري.. وكيف يؤثر ذلك في علاقتك بهم؟

هل التعرّف إلى أصدقاء أولادك أمرٌ ضروري.. وكيف يؤثر ذلك في علاقتك بهم؟

حين تطلب، أحيانًا، من ابنك عدم مصاحبة هذا الصديق أو ذاك، يجب أن تكون حججك مقنعة عنده.. وهذا ما يشرحه مقالنا من موقع "أمان الأطفال" مع المتخصص الدكتور شوكت اشتي .. وكيف ومتى؟

الصداقة حاجة إنسانيّة وضرورة مجتمعيّة لأي شخص؛ فكيف للأطفال في مراحل نموهم!! إذ تؤدّي الصداقة الدور الأساس في تنمية شخصيّة الأطفال، من جوانبها المختلفة، اجتماعيًا وعقليًا وعاطفيًا ونفسيًا، وتعزز تفاعلهم مع محيطهم، وتنمي الثقة بالنفس، وتفتح أمامهم آفاقًا لا يستطيع الأهل بالضرورة  مواكبتها.

بناء على هذا؛ جماعة الرفاق/الأصدقاء هي إحدى وسائط العمليّة التربويّة التي يكتسب معها الأطفال العديد من المهارات والمعارف المتعلقة بجوانب الحياة المتعددة، سلبًا أو إيجابًا، لدرجة يغدو الصديق، في بعض الأحيان، الملجأ والحاضن للطفل، هذا إذا لم نقل "الموجّه" و"المؤثر" في العديد من الأوقات، في مجريات حياته. في هذا السّياق؛ تحضر فكرة اختيار الأبناء لاصدقائهم موضوعًا على قدر كبير من الأهميّة، لذلك يتطلّب النقاش والبحث، كونه من المواضيع الجديّة والحسّاسة والمؤثرة، سواء على الأبناء أم الأهل؛ خاصة وإنّه موضوع متسع في قضاياه ومتشعب في تفاصيله ومختلف بحسب المراحل العمريّة، ما يطرح التساؤلات الآتية: ما هو تأثير الأهل في اختيار الأبناء لاصدقائهم؟ وهل يمكن للأهل المساعدة في هذه العملية؟ وكيف؟ 

أولًا- مسار الاختيار

يوجد، من حيث المبدأ، مساران لاختيار الأبناء الأصدقاء. 

النوع الأول: "تقليدي" وعادي، يأتي عفويًا وطبيعيًا، من خلال البئية المجتمعيّة التي يعيش فيها الطفل، سواء في مكان السكن أم المدرسة.... هذا النوع مررنا فيه نحن الأهل وعرفناه.
النوع الثاني: يبدو "جديدًا" ومستحدثًا، كونه ترافق مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة جدًا والمؤثرة. هذا النوع المهم للغاية والمنتشر بين الأبناء قد يكون الأصعب، لجهة التحديده وإمكان المتابعة.

قواعد أساسيّة

إنطلاقًا ممّا تقدم، وبعيدًا عن "التنظير" ووضع الإرشادات وتعيين المنطلقات، يمكن الاشارة إلى أنّ القاعدة الأساس، من حيث المبدأ التي ينطلق منها الأبناء لاختيار الأصدقاء، تنمو في البيئة الأسريّة، لما للأسرة من تأثير، مباشر وغير مباشر على الأبناء. وهي ترتكز على منطلقين:

المنطلق الأول، صداقة الأهل للأبناء: إنّ المدخل الأساس لمساعدة الأبناء وتوجيههم على اختيار الأصدقاء، يكمن في طبيعة العلاقات الأسريّة؛ لأنّها هذه البيئة هي الحاضن والراعي والموجّه، فهي تتشكّل شخصيّة الطفل وتظهر قدراته واتجاهاته ونظرته للحياة... لذلك؛ التفاعل الايجابي بين الأهل والأبناء والحوار المستمرّ وجو المحبة والاحترام والصراحة القائمة والثقة المتبادلة.... تجعل من الأهل أصدقاءً لأبنائهم، الأمر الذي يجعل الأهل الملجأ والحضن، عند كل مأزق وأزمة، والمُرشد عند كلّ مفترق، والمساعد والمُعين عند كلّ مشكلة. وهذا التحدي اليومي الذي يجب أن نواجهه ونركز عليه ونسعى إلى النجاح فيه. 

هذه الصداقة تسمح للأبناء بعرض تجاربهم وكشف خباياهم والإعلان عن ما يواجههم خارج البيت، وما يجري بينهم وبين أصدقائهم؛ أي أنّ صداقة الأهل للأبناء تؤدّي دور المستمع والموجّه والمرشد للأبناء من جهة، وتكوّن مع الأبناء الفسحة التي يتعاونوا فيها لمواجهة أي مشكلة أو أزمة من جهة ثانية. وكلّما نجحنا- نحن الأهل - في هذا الاختبار زادت قدرات الأبناء وتبلورت شخصياتهم، واصبحوا أكثر مقدرة على الاختيار وتحديد ما يريدونه.

المنطلق الثاني، صداقات الأهل: إنّ الأطفال يلاحظون ويتابعون، بطرقهم الخاصة، كلّ ما يجري حولهم داخل البيت من سلوك وحديث وعادات؛ لذلك طبيعة أصدقاء الأهل وشخصيتهم وخصائصهم وأحاديثهم وسلوكهم وسمعتهم... كلها وغيرها، من العوامل المهمّة والمعايير الأساس التي يستند إليها الأبناء في مسار اختيارهم لأصدقائهم. كما أنّ الأهل، في العديد من الأوقات، لا ينتبهون بدقة إلى ما يقولونه عن أصدقائهم، سلبًا أو إيجابًا أمام أطفالهم. كما أنّ سلوك صديق الأهل، والذي يتردد إلى البيت، عادة، وحديثه وطريقة تعامله... يسهم في رسم صورة الصديق عند الأبناء.. أي إنّ الأهل، هنا، هم النموذج والمثال والقدوة. 

وسائط مُساعدة

قد يكون من غير الموضوعيّة وضع قواعد صارمة وتحديد إجراءات دقيقة على الأبناء الالتزام بها، عند اختيارهم للأصدقاء؛ لأنّ عمليّة اختيار الأصدقاء ليست خطوات أليّة وعملاً ميكانيكيًا، أو وصفة طبيّة يمكن تطبيقها للوصول إلى برّ الأمان من جهة، ولأنّ انجذاب هذا الطفل إلى هذا الصديق، دون ذاك، هي عمليّة معقدة تتداخل عناصرها بشكل تفاعلي، وتخضع للعديد من المعايير والظروف التي تتحكّم بالطفل واهتماماته وأوضاعه النفسيّة والأسريّة والدراسيّة.... من جهة ثانية. لكن ليس من الصعوبة، مبدئيًا، على الأهل معرفة أصدقاء الأبناء. وهذا ما يفرض عليهم، من موقع المسؤوليّة، السّعي لمعرفة طبيعه هؤلاء الأصدقاء وأوضاعهم، من الجوانب المختلفة، للاطمئنان على أبنائهم. 

وعليه؛ يمكن الاشارة، باختصار إلى بعض الوسائط التي تساعد الأهل في معرفة هؤلاء الأصدقاء، على النحو الآتي:

1-    المدرسة: قد يكون من المفيد أن تكون البداية من المدرسة، وذلك من خلال سؤال الموجّهين والأساتذة  عن التلميد/ التلاميذ المقربين جدًا من أبنائهم، وهم بمستوى الأصدقاء. والعلاقة مع المدرسة يفترض أن تكون واضحة وصريحة. فيحب السؤال عن وضع الدراسي للتلميذ/الصديق، سلوكه، علاقاته بزملائه.....، الأمر الذي يسهم في تكوين صورة عن وضع التلميذ/الصديق.

2-    دعوة الأصدقاء: من المفيد جدًا تشجيع الأبناء على دعوة الأصدقاء إلى المنزل، بين مدة وأخرى، سواء للدرس معًا أو لتمضيعة بعض أوقات الفراغ، أو لمناسبة معينة، أو لتناول الغداء.....،. هذا يفسح للأهل تواصلُا مباشرًا مع الأصدقاء ما يوفر لهم الفرصة للتعرف إليهم والتواصل معهم، وفتح بعض الأحاديث عن مواضيع مختلفة.... الأمر الذي يسمح بالاطلاع على شخصيتهم وأوضاعهم، ونمط تفكريهم. غير أنّ هذه الدعوة تتطلّب الانتباه إلى بعض المسائل حتى لا تُنفًر الأصدقاء من جهة، ولا تُحرج الأبناء من جهة أخرى. وأولى هذه المسائل 

أ‌-    أن تكون الدعوة طبيعيّة، تأتي عاديّة في مناسلة أو ظرف معيّن بعيدًا عن التصّنع.
ب‌-    ثانيًا، ألا تكون محادثة الأهل مع الأصدقا نوعًا من "التستجواب" و"التقصي الأمني" عن الصديق وعائلته. 
ت‌-    ثالثًا، ألا يبقى الأهل مع الأصدقاء الضيوف مدة طويلة،. فيجب أن يُترك للأبناء وضيوفهم المساحة الأكبر من الوقت، مندون تدخل ورقابة. 
ث‌-    رابعًا، ألا يعمد الأهل إلى "الفلسفة" في الوعظ والإرشاد. 
ج‌-    خامسًا ألا يُحرّج الأصدقاء أو الأبناء في الأسئلة والتدخل.....

3-    زيارة الأهل لعائلات الأصدقاء: قد يعمد الأهل إلى التواصل المباشر مع أهل الأصدقاء وزيارتهم، أو تبادل الزيارات معهم. وهذا الأسلوب من الوسائط المهمّة، لما توفّره مثل هذه الزيارات من معرفة "الخلفية" والبيئة التي يعيشها الأصدقاء؛ لأنّ الأهل "مرآة" عاكسة لما يمكن أن يكون عليه الأصدقاء. وفي هذه الزيارات؛ يعرف الأهل الأصول وطريقة التصرف، ومواضيع المحادثات...

4-    النشاطات المشتركة: من المفيد جدًا؛ أن يشارك الأهل في بعض النشاطات المشتركة التي تقيمها المدرسة أو يرافقوا الأبناء إلى بعض النشاطات التي تجمع الأبناء مع الأصدقاء، مثل مباريات كرة القدم، أو إذا كانوا في نواد مشتركة...، أو يعمدوا بين حين وأخر إلى إيجاد مثل هذه النشاطات في مناسبات محددة، ما يوفر الفرصة لمزيد من التعرّف؛ خاصة وأنّ الأطفال، في مثل هذه النشاطات، يكونون على طبيعتهم ويتصرفون بحريّة أكبر ومن دون "الرسميات" التي تفرضها الزيارات البيتية.
ملاحظة أوليّة

قد يكتشف الأهل خللًا ما عند هذا الصديق أو ذاك.  فكيف يمكن التصرف في مثل هذه الحالات؟ هنا من المفيد والضروري أن ننتبه نحن الأهل إلى بعض الأمور التي قد تساعد في تصويب خيارات الأبناء؛ لأنّ عمليّة التّصويب تحتاج إلى الكثير من المرونة والهدوء وطول النفس أيضًا. 

أولاً : لأنّ الأبناء عادة لا يقبلون بسهولة الإساءة إلى أصدقائهم. 
ثانيًا، لأنّ الأبناء قد يرون مثل هذه المتابعة، من الأهل، تدخلاً في حياتهم الشخصية.

لذلك؛ علينا أن نتجنّب الفرض والشدة والضغط والتهديد مع الأبناء؛ فهذه الإجراءات غالبًا ما يكون مردودها سلبيًا، ولا تصل إلى النتائج المرجوة. وهذا يُعيدنا إلى طبيعة العلاقة التي تحكم أفراد الأسرة. 

وعليه يمكن القول: كلما نجحنا في أن نكون أصدقاءً لأبنائنا نجحنا في مساعدتهم على حسن اختيار الأصدقاء ومعالجة ما قد يطرا من مشكلات.

شوكت آشتي/ موقع أمان الأطفال
 
 

مواضيع مرتبطة

دورة تعليمية في اللغة الفارسية للأطفال..انضموا إليها

تهدف إلى إياد فرص نادرة للأطفال لتعلّم لغة أخرى؛ إضافة إلى لغتهم الأمّ.

كيف تجعلين طفلك يحبّ شهر رمضان ويرغب بالصوم؟

الطفل يحبّ كل ما هو جميل ومدهش، خصوصًا عندما يتغيّر الروتين اليومي للعائلة.

عادات لا تنقليها إلى أطفالك في شهر رمضان المبارك

يفرح الأطفال بشهر رمضان المبارك فرحة كبيرة، بسبب تغيير روتينهم اليومي ومشاركتهم أهلهم الإفطار وحتى محاولة الصيام مثلهم..

كلمات مفتاحية

نصائح تربوية