عمل الأطفال في الإجازة الصيفيّة.. تنمية للشخصيّة أم تعدٍّ على حقوقهم؟

عمل الأطفال في الإجازة الصيفيّة.. تنمية للشخصيّة أم تعدٍّ على حقوقهم؟

قد يبدو للأهل أنّ التحاق ابنهم، خلال العطلة الصيفيّة، بأي عمل يبعده عن تمضية الوقت على شبكة الانترنت والتعرّض لأمور يخافون عليه منها.. ولكن هل فعلا في سوق العمل الحقيقي لن يتعرّض لمثل هذه المخاوف؟

في إحدى المجموعات الخاصة بالنساء على موقع التّواصل الاجتماعي، كتبت سيدة تبحث عن عمل لابنها الذي يبلغ من العمر 14 عاما، ويقضي أغلب وقت الإجازة الصيفيّة في ألعاب الهاتف والحاسوب، وتنتهي ساعات يومه وهو على السرير لا يفارقه إلا لحظات محدودة. شكوى الأم الأربعينية لم تكن الوحيدة، بل تبعتها عشرات التعليقات التي تؤكد أن حال ابنها لا يختلف عن حال كثير من المراهقين الذين أنهوا امتحاناتهم وتحولت حياتهم مع أسرتهم إلى علاقة تتلّخص بتناول الطعام وقضاء وقت قليل للغاية مع الأسرة مقارنة بأوقات الدراسة.

عمل الأطفال ضد القانون

مع الضائقة الماليّة التي تعانيها أغلب الأسر العربيّة، عادت فكرة عمل الأطفال في فصل الصيف تظهر عبر مواقع التّواصل الاجتماعي وخصوصًا في مصر. ولم يعد يقتصر الأمر على مراحل التدريب التي كانت تقدّمها بعض الشركات والمطاعم، لكن لجأ كثيرون للبحث عن عمل ملائم لهذه المرحلة العمريّة، بينما انتاب القلق آخرين خوفًا من تعرض الأبناء لمخاطر التعامل مع الغرباء في هذه السنّ المبكرة، وهم المعتمدون على أهلهم بشكل كامل.

استغلال أصحاب الأعمال ورفض الآباء

في مجموعة خاصة أنشئت للبحث عن فرص تدريب وعمل للطلبة في الإجازة الصيفيّة، صُنف الأطفال إلى ما تحت 14 سنة و ما فوقها، لتكون الورشات التدريبية خاصة بالأطفال ذوي العمر الأقل، بينما تقتصر طلبات العمل على الأطفال الأكبر من 14 عامًا. لكن هل تتوافق فرص العمل المتاحة مع قوانين عمالة الأطفال، خاصة في ظلّ ظروف العمل القاسية التي تتطّلب التزامًا بعدد معيّن من السّاعات، وإجازات أسبوعيّة ليوم واحد فقط، ورواتب هزيلة لا تتناسب والحدّ الأدنى الأجور. ذلك؛ لأنّ بعض أصحاب الأعمال يرون تلك الوظائف تدريبًا عمليًا للطلاب، لا يستلزم منح أجر عادل.

دراسة: عمل المراهقين مرتبط بمخاطر

في دراسة أجرتها الحكومة الكوريّة على 800 مدرسة متوسطة وثانويّة، ونشرت في سبتمبر/أيلول 2020، بشأن توظيف المراهقين والصّحة العقليّة، خلصت النتائج إلى أنّ المراهقين ذوي الخبرة في العمل بدوام جزئي لديهم مستويات إجهاد إجماليّة بنسبة أكبر ومشاكل في الثقة.

وأكدت الدراسة أنّ هناك آراء متضاربة حول تأثير تشغيل المراهقين في هذه المرحلة العمريّة. فمن ناحية؛ يمكن أن تكون فرصة لتعلّم دروس الحياة ومحو الأميّة الماليّة وكيفيّة إدارة الوقت. لكن من ناحية أخرى، ارتبط توظيف الشباب في هذه السنّ بانخفاض التحصيل الدراسي وسوء السّلوك وارتفاع التعرّض لمشاكل التّدخين والمخدرات في سن مبكرة.

وقارنت الدراسة بين أنماط التوظيف لدى البالغين، وبين مثيلتها لدى المراهقين الذين من الشائع أن ينخرطوا في أعمال منخفضة الأجر، ويصعب فيها توافر بيئة عمل صحيّة. ورأت الدراسة أنّ الطلاب الذين يعملون في هذه السنّ المبكرة أكثر عرضة لخطر التعرّض للعنف والصدمات الجسديّة، ما يمتدّ أثره إلى الصّحة العقليّة.

تنمية المهارات والرياضة أهمّ

إنّ مفهوم العمل، في المراحل المبكرة، ما يزال يسيطر على العديد من أولياء الأمور في العالم العربي، وخصوصًا في مصر، وهو ما يرفضه الدكتور "مدحت جاد الرّب"، وهو أستاذ الطب النفسي في جامعة بنها المصريّة ، مؤكدًا أنّ عمالة الأطفال في هذه السنّ تنعكس بشكل سيء على شخصياتهم بعكس ما يعتقده الآباء، خاصة في ظلّ أوضاع صعبة في سوق العمل، وهي في الأغلب أوضاع لا يتحمّلها الكبار، فما بالنا بهؤلاء الصغار.

ويقول الطبيب "جاد الرب" إنّ عمل الطفل: "قد يعرّضه لانتهاكات جسديّة او نفسيّة أو جنسيّة، ولا يستطيع مصارحة أهله بها، كي لا يصبح شخصًا غير مسؤول في نظرهم، بالإضافة لأنّه يتحمّل في كثير من الأحيان سوء المعاملة في أماكن العمل، كي لا يصفه أهله بأنّه مدلل أو لا يتحمّل المسؤولية، فيخرج الطفل من هذه التجربة محمّلا بكراهية فكرة العمل وكراهيّة أهله الذين تركوه يتعرّض لتلك الإساءات من دون محاولة مد يدّ النجدة له".

ويؤكد الطبيب النفسي أنّ استغلال إجازة المراهقين الصيفيّة من الممكن أن تجري، بشكل جيد، من خلال تنمية مهاراتهم وممارسة الرياضة، والزيارات العائلية اللطيفة، وقضاء وقت جيد مع الأصدقاء، وتشجيعه على العودة للدراسة بنفسية سعيدة متأهبة للنجاح والتفوق، لا بنفسية تسعى للتخلص من قيود العمل.


المصدر : شيماء عبد الله/ الجزيرة

مواضيع مرتبطة

اكتشفتَ أن ابنك يدخن؟.. هذا ما عليك فعله فورًا

تصرفك الأول حيال هذا الأمر سيكون مفتاح نجاح علاجك للمشكلة أو فشلك..

دورة تعليمية في اللغة الفارسية للأطفال..انضموا إليها

تهدف إلى إياد فرص نادرة للأطفال لتعلّم لغة أخرى؛ إضافة إلى لغتهم الأمّ.

كيف تجعلين طفلك يحبّ شهر رمضان ويرغب بالصوم؟

الطفل يحبّ كل ما هو جميل ومدهش، خصوصًا عندما يتغيّر الروتين اليومي للعائلة.

كلمات مفتاحية

إرشادات_اجتماعية