لقاء مع الدكتور علي أبو الحسن: متى تصبح تطبيقات الذكاء الاصطناعي خطرة على الأطفال؟

ينصح الدكتور "علي أبو الحسن" الأهل بالانتباه الشديد إلى كيفيّة استعمال أولادهم للأجهزة الذكيّة؛ ومر اقبتهم بشكل دائم، والأكثر أهميّة هو تحديد وقت معيّن

 

يتكّلف الأهل، في معظم الأحيان، عند شراء أجهزة إلكترونيّة تتميّز بتقنيّات الذكاء الاصطناعي لأطفالهم، بداعي عدم القدرة على تجاهل أهميّة هذا الجهاز أو ذاك للطفل في عالم بات يزخر أو يضجّ بمثل هذه الأدوات، خصوصًا وأنّ القطاع التعليمي، أيضًا، هو الآخر، لم يعد بمقدوره الاستغناء عنها. ولكن، دومًا تظهر مشكلة، عند الأهل، كيف أنّ حياة أطفالهم تتغيّر تباعًا، مرات نحو الأفضل وأخرى نحو الأسوء.

ما يهمنّا، الآن، التركيز على الحالات والأوضاع التي تصبح فيها تطبيقات الذكاء الاصطناعي خطرة على الأطفال؛ على أن نستتبعه لاحقًا بذكر فوائده العامّة.
ولكن قبل هذا الموضوع وذاك؛ لا بدّ أولًا من التعرّف إلى ماهيّة هذا الذكاء الاصطناعي الذي راح يسيطر على ميادين حياتنا كافّة؛ وآليّة عمله وكيفياته، لنتمكّن لاحقًا من تحديد فوائده أو مساؤئه.

هذا الموضوع يعالجه "موقع أمان الأطفال"، مع الخبير في العلوم التكنولوجيّة والأستاذ الجامعي الدكتور علي أبو الحسن.

 

أولًا: ما هو الذكاء الصناعي أو الاصطناعي؟

الذكاء الصناعي (Artificial Intelligence) هو فرع من فروع علوم الحاسوب والهندسة الكهربائيّة والرياضيّات وعلم الأحياء. يهتمّ بدراسة وتصميم وتطوير الأنظمة التي تمتلك القدرة على القيام بمهام تتطلّب مهارات بشريّة؛ مثل: التعلّم، التفكير، التعامل مع البيانات والمعلومات بشكل ذكي.

تعتمد تقنية الذكاء الصناعي على الإفادة من البيانات والمعلومات المتاحة، وتحليلها ومعالجتها باستخدام الخوارزميّات والنماذج الرياضيّة، وذلك بهدف تطوير نماذج ذكيّة تستطيع التعرّف إلى الأنماط والتوقعات، واتخاذ القرارات الذكيّة والتفاعل مع البيئة المحيطة بها بشكل ذاتي.

تتضمن تطبيقات الذكاء الصناعي العديد من المجالات مثل: التعلّم الآلي، معالجة اللّغة الطبيعيّة، التعرّف إلى الصّوت والصّورة، الذكاء الروبوتي، الذكاء الاصطناعي المالي، وغيرها الكثير. تتطلّب هذه التطبيقات استخدام تقنيّات الحوسبة العالية والبيانات الضخمة لتمكين الأنظمة الذكيّة من التفاعل مع بيئتها بشكل فعّال ومرن.

ولكن لا بدّ من التأكيد أنّه لا يمكن مقارنة الذكاء الصناعي بالإنسان بشكل عام- كما يؤكّد الدكتور "أبو الحسن" فكلّ منهما يتمتع بمزايا وعيوب مختلفة. لكن يمكن للذكاء الصناعي القيام بمهام محدّدة، بشكل أسرع، وأكثر دقة من الإنسان. كما يمكنه تحليل كميات هائلة من البيانات والمعلومات بشكل أفضل وأكثر فعاليّة.

من ناحية أخرى؛ يتميّز الإنسان بالقدرة على التعلّم العميق والتأقلم مع الأوضاع المختلفة، بشكل أفضل من الذكاء الصناعي. ويمكن للإنسان التفكير بصورة أكثر إبداعية، وإيجاد حلول جديدة ومختلفة للمشاكل .وبشكل عام؛ يعتمد الأمر على نوع المهمّة أو النشاط المطلوب، ولكن في العديد من الحالات يمكن تحقيق أفضل النتائج عندما يعمل الإنسان والذكاء الصناعي معًا لتحقيق الأهداف المشتركة.

محاذير يطلقها متخصّصون 

لا يمكن إغفال التطوّر الكبير والإنجازات الضخمة التي قدّمتها تطبيقات الذكاء الصناعي للبشريّة، لكن يبرز واضحًا تحذيرات كبيرة من مخاطره يدلي بها مختصصّون ورواد في هذا المجال، بين الحين والأخر. نجد على سبيل المثال؛ "إيلون ماسك"، في العام 2018، وهو مالك شركة "تويتر" ومؤسس منظّمة "الذكاء الصناعي المفتوح" -  أطلقت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 برنامج الذكاء الصناعي ChatGPT - يقول :"سجّل عليّ كلامي سيكون الذكاء الصناعي أخطر بكثير من الأسلحة النوويّة.. وكان "ماسك" قد أصدر، في العام 2017، تحذيرًا صارخًا بشأن الذكاء الاصطناعي واصفًا إياه التهديد الأكبر من كوريا الشماليّة.

ففي العام 2018، أشار ماسك إلى أنّ تقنيّات الذكاء الاصطناعي يمكنها التأثير على الأطفال على المدى الطويل، محذرًا من أنّها قد تتحكّم في سلوكهم وتؤثر على شخصياتهم، فأوصى بعدم إطلاق مشاريع الذكاء الاصطناعي التي تستهدف الأطفال من دون إجراء دراسات متعمّقة حول تأثيراتها عليهم.

كما، في العام 2020، شارك "ماسك" تغريدة على "تويتر" تحذّر من خطورة الذكاء الاصطناعي، حين قال: "الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون خطرًا على مستقبل الحضارة، إذا لم يتمّ التعامل معه بحرص، ونحن بالفعل على مسار خاطئ".

وكان قد سبقه في التحذير البروفوسير الإنكليزي "ستيفن هوكينج" قائلًا :" الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقضي على البشرية"، موضحًا في الوقت عينه: "إن الأشكال البدائية للذكاء الاصطناعي التي طُوّرت حتى الآن أثبتت بالفعل أنّها مفيدة للغاية". لكنّه أعرب عن خشيته من إنشاء شيء يمكن أن يضاهي البشر أو يتفوّق عليهم، محذرًا من أن الآلة الذكيّة :"ستنطلق من تلقاء نفسها، وتعيد تصميم نفسها بمعدل متزايد باستمرار".

لذلك نرى يمكن أن يكون للذكاء الصناعي عدة مخاطر، ومن أهمها:

1- الاستبداد: يمكن أن يؤدي تطوّر الذكاء الصناعي إلى استبداده بالبشر وتحكّمه في حياتهم.
2. إنعدام التحكّم: قد يتحكّم الذكاء الصناعي، بشكل غير متوقّع في بعض الأحيان، وهذا يمكن أن يؤدي إلى حدوث أضرار بالنظام الذي يعمل به.
3. البطالة: قد يؤدي تطوّر الذكاء الصناعي إلى فقدان بعض الوظائف التي تعتمد على العمل اليدوي أو المهارات الأساسيّة.
4. الأخطاء: يمكن أن يحدث خطأ في برمجة الذكاء الصناعي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تداعيات سلبيّة على المجتمع.
5. الخصوصيّة: يمكن للذكاء الصناعي أن يتحكم في بيانات الأفراد، بشكل غير مشروع، وينتهك الخصوصيّة.
6. التمييز: يمكن للذكاء الصناعي أن يمارس التمييز الجنسي أو العرقي أو غيره، ما يؤثر سلبًا على العدالة الاجتماعية.

 

نأتي الآن إلى مخاطر تطبيقات الذكاء الصناعي على فئة الأطفال :

هذه التطبيقات تشكّل تحديًا كبيرًا على مستوى تطوّر التفكير عند الأطفال؛ حيث يمكن أن يؤثر سلبًا على عدة جوانب من حياتهم العقليّة والاجتماعيّة والنفسيّة، ومن أبرز هذه المخاطر:

1. انعدام التفاعل الاجتماعي: يمكن أن يؤدّي الاعتماد الزائد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلى انعدام التفاعل الاجتماعي لدى الأطفال، ما يؤثر على نموهم الاجتماعي والعاطفي.

2. الحدّ من الإبداع والتفكير الابتكاري: يمكن أن يؤدي الاعتماد الزائد على الحاسوب والذكاء الاصطناعي إلى تقليل الإبداع والتفكير الابتكاري لدى الأطفال؛ حيث يتحوّلون إلى مجرد مستهلكين للمعلومات بدلًا من أن يكونوا مبدعين ومبتكرين.

3. تراجع مهارات القراءة والكتابة: يمكن أن يؤدي استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التواصل إلى تراجع مهارات القراءة والكتابة لدى الأطفال، ما يؤثر على تفوّقهم في الدراسة والحياة العمليّة.

4. خطر التعلّق الزائد: يمكن أن يتعرّض الأطفال إلى خطر التعلّق الزائد بالحاسوب والذكاء الاصطناعي، ما يؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي، ويؤدّي إلى مشاكل في العلاقات الشخصيّة والعائليّة.

 

لذلك؛ ينصح الدكتور "علي أبو الحسن" الأهل بالانتباه الشديد إلى كيفيّة استعمال أولادهم للأجهزة الذكيّة؛ ومر اقبتهم بشكل دائم، والأكثر أهميّة هو تحديد وقت معيّن يعلم معه الطفل أو المراهق أنّ هناك امورًا أكثر أهميّة في الحياة عليها أن يفعلها بعيدًا عن التسمّر أمام هذه الأجهزة واستهلاك وقته عليه. وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بحال مارس الأهل معه دومًا التوعية الدائمة والمستمرة وتكليفه بأعمال تقتضي منه التحرّك والخروج والتكفير وتحمّل المسؤوليّة.

 

 

المصدر: موقع أمان الأطفال/ د. زينب الطحان

 

 

مواضيع مرتبطة

دورة تعليمية في اللغة الفارسية للأطفال..انضموا إليها

تهدف إلى إياد فرص نادرة للأطفال لتعلّم لغة أخرى؛ إضافة إلى لغتهم الأمّ.

كيف تجعلين طفلك يحبّ شهر رمضان ويرغب بالصوم؟

الطفل يحبّ كل ما هو جميل ومدهش، خصوصًا عندما يتغيّر الروتين اليومي للعائلة.

عادات لا تنقليها إلى أطفالك في شهر رمضان المبارك

يفرح الأطفال بشهر رمضان المبارك فرحة كبيرة، بسبب تغيير روتينهم اليومي ومشاركتهم أهلهم الإفطار وحتى محاولة الصيام مثلهم..