ما تزال نماذج الذكاء الصناعي الأميركية تُسيطر على أكثر من 70 في المئة من السوق، إلا أن نهجًا تعاونيًا مفتوح المصدر مكّن المختبرات الصينية من تحقيق إنجازات تفوق قدراتها بكثير، كما كتب بن دوبو.
تفوق نموذج «كيه 2» الجديد
للمرة الثانية خلال 6 أشهر، أحدث مختبر صيني صغير للذكاء الصناعي نقلة نوعية في المشهد العالمي. لقد أصدرت شركة «مونشوت» للذكاء الصناعي Moonshot AI، والتي تضم بضع مئات من الموظفين فقط، أخيرًا، نموذجها «كيه 2 (K2)» الذي لاقى استحسانًا كبيرًا.
على منصة OpenRouter، وهي موقع لتتبع نماذج الذكاء الصناعي، يستخدمها المطورون مقابل رسوم وأجور، تفوق «كيه 2» بسرعة على عروض الشركات الأميركية المنافسة ذات التمويل الجيد، بما في ذلك «إكس إيه آي (xAI)» و«ميتا».
توجه صيني
يُجسد هذا الإنجاز نجاح «ديب سيك (DeepSeek)»، وهو نموذج ذكاء صناعي صيني آخر تصدّر عناوين الأخبار في وقت سابق من هذا العام. ويشترك كلا النموذجين في سمة أساسية: أنهما مفتوحا المصدر، أي أن شفرتهما وبنيتهما الأساسية متاحة مجانًا لأي شخص لفحصها وتعديلها والبناء عليها.
من بين المختبرات الكبرى في الولايات المتحدة، لم يحذُ حذوَ الشركتين الصينيتين سوى «ميتا». ولكن مع رأي يقول عن أحدث نموذج لعملاق التواصل الاجتماعي إنه فاشل وعلى نطاق واسع، أصبحت الصين الآن الرائدة بلا منازع في تطوير الذكاء الصناعي مفتوح المصدر.
مفهوم «المصدر المفتوح»
يتطلب فهم أهمية هذا الأمر توضيح معنى «المصدر المفتوح» في سياق الذكاء الصناعي.
إن هذه النماذج مجانية التنزيل، ولكن بخلاف معظم برامج المصدر المفتوح، فهي تأتي بتكاليف تشغيلية باهظة. عندما عرضت «ديب سيك» الوصول المجاني للمستهلكين، خلط كثيرون بين هذه الاستراتيجية الترويجية والطبيعة المتأصلة لنماذج المصدر المفتوح. في الواقع، تتطلب جميع النماذج الأساسية قوة حوسبة كبيرة، سواءً أكانت مدفوعة من شركة الاستضافة - كما هو الحال في المنتجات الاستهلاكية أو واجهات برمجة التطبيقات - أو من المستخدم.
بالنسبة إلى المستهلكين العاديين، التمييز بين مفتوح المصدر ومغلق المصدر غير واضح. يوفر كلٌّ من «جيميناي» من «غوغل»، و«تشات جي بي تي» من «أوبن إيه آي» وصولًا أساسيًا مجانيًا. وعلى الرغم من الحماس الذي أحاط بإطلاق «ديب سيك»، ما يزال «جي بي تي» يستحوذ على ستة أضعاف عدد المستخدمين عالميًا. وقد أظهر التصنيف نفسه الذي أظهر تفوق «مونشوت» على «إكس إيه آي» و«ميتا»، أن شركتي «أنثروبيك» و«غوغل» وحدهما تمتلكان حصة سوقية كبيرة.
وصول برمجي أفضل
مع ذلك، يتميز «كيه 2» بكفاءة ملحوظة. فمعدلات الوصول البرمجي لأفضل نسخة من النموذج تُضاهي معدلات أرخص نماذج «غوغل» و«أوبن إيه آي». ولا يعود ذلك إلى كون «كيه 2» مفتوح المصدر، بل يعود الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى مكاسب الكفاءة التي أتاحتها ثقافة الذكاء الصناعي مفتوحة المصدر في الصين.
لقد استوحت «مونشوت» عملها بشكل كبير من بنية «ديب سيك»، لدرجة أن أحد المهندسين وصف «كيه 2» بأنه «يُحقق نبوءة سبق لفريق (ديب سيك) أن أطلقها». ويُحاكي هذا النهج التعاوني الأيام الأولى لتطوير الذكاء الصناعي في الولايات المتحدة، عندما حفّز نشر «غوغل» لبنية المحولات هذا المجال بأكمله.
نماذج احتكارية... أم مخصصة؟
ومنذ ذلك الحين، ركّزت مختبرات الذكاء الصطاعي الأميركية على النماذج الاحتكارية. وقد تُصبح العروض الصينية الخيار الأمثل للباحثين الذين يبحثون عن نماذج يُمكنهم تعديلها وتخصيصها، ما قد يُؤثر بشكل دقيق على كيفية فهم أنظمة الذكاء الصناعي للعالم وتفاعلها معه. وتشير بعض الأبحاث إلى أن النماذج الغربية تعكس وجهات النظر الغربية للعالم، وقد تفعل النماذج الصينية الشيء نفسه.
في الوقت نفسه، يُصدر المتحمسون بسرعة نسخًا «غير خاضعة للرقابة»، مثل DeepSeek 1776 من Perplexity، التي تتناول بحرية مواضيع محظورة في الصين، قد تبقي الافتراضات الجوهرية حول المجتمع والعلاقات والقيم، راسخة عند التدريب.
تكييف النماذج الصينية بحسب الطلب
يعمل مجتمع متنامٍ من المبرمجين في العالم الآن على تكييف هذه النماذج الصينية وتحسينها لاستخدامات محددة، ما قد يُسرّع تطويرها. وعلى حد تعبير مهندس آخر في «مونشوت»، «يتيح لنا المصدر المفتوح الإفادة من قوة مجتمع المطورين لتحسين النظام البيئي التقني. في غضون 24 ساعة من إصدارنا، كان ذلك المجتمع قد طوّر بالفعل نسخة مضغوطة من نموذج (كيه 2) شغّلت على أجهزة (أبل) - وهي أمور لا نملك حقًا القوة البشرية اللازمة لإنجازها بأنفسنا في هذه المرحلة».
لكن في الوقت الحالي، تخدم نماذج المصدر المفتوح أغراضًا متخصصة بشكل أساسي: التعامل مع المعلومات الحساسة التي لا يمكن إرسالها إلى مؤسسات الخدمات التجارية- من غير المرجح أن تُعهد بها إلى النماذج الصينية في أي وقت قريب- أو تشغيل الذكاء الصناعي على أجهزة غير متصلة بالإنترنت.
يتوقع مراقبو الصناعة أن تُصدر شركة «مونشوت» قريبًا نموذجًا «استدلاليًا» مُصممًا لمواكبة الجيل السابق من أنظمة الذكاء الصناعي الأميركية. عند حدوث ذلك، يُمكننا توقع موجة أخرى من القلق بشأن تقدم الذكاء الصناعي في الصين. إلا أن جزءًا كبيرًا من هذا القلق سيكون مُبالغًا فيه - فلا تزال النماذج الأميركية تُسيطر على أكثر من 70 في المئة من السوق وتُواصل الشركات الأميركية تجاوز حدود الممكن، بينما تُركز المختبرات الصينية على التحسين والكفاءة.
نهج تعاوني يحفز الابتكار
مع ذلك، يُمثل «كيه 2» إنجازًا كبيرًا، لا سيما بالنظر إلى القيود التي يعمل في ظلها باحثو الذكاء الصناعي الصينيون. لقد مكّن النهج التعاوني مفتوح المصدر المختبرات الصينية من تحقيق نتائج تفوق قدراتها بكثير، في الوقت الذي تتعثر فيه شركة «ميتا»، أقوى مُناصري المصدر المفتوح في الولايات المتحدة.
ما يزال هناك كثير مما يجب كتابته: فقد أنفقت «ميتا» مليارات الدولارات لتصحيح مسارها، وستُصدر «أوبن إيه آي» نموذجها مفتوح المصدر الخاص بها في الأسابيع المُقبلة. ولكن مع لجوء المزيد من المُطورين في العالم إلى النماذج الصينية في نقطة انطلاق، فإن الآثار طويلة المدى على تطوير الذكاء الصناعي العالمي - والقيم المُضمنة في هذه الأنظمة - تستحق دراسة جادة.
* «ذا ديبلومات»، خدمات «تريبيون ميديا».
الإصدار ديب سيك في3.1 نموذج مطور ببنية استدلال هجينة
وعدت مؤسسة "Sber" بطرح السوار الذكي للبيع خلال خريف العام الجاري.
مع بلوغه هذه المقدرة المدهشة؛ لكنه لا يزال يفتقر إلى مرونة الذكاء البشري.
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال