التحكّم بمشاعر الغضب والانفعال الزائد والعصبية المفرطة مهارة يصعب على بعض البالغين القيام بها، فما بالك عندما تحدث للأطفال الذين قد يغضبون ويتعصبون؟ وقد يرمون بأنفسهم على الأرض، أو تنتابهم نوبة من البكاء أو الصراخ المتواصل لا تهدأ بسبب شيء بسيط أو مجرد رفض لطلب من مطالبهم الكثيرة.
بقدر الحاجة إلى الوصول إلى أفضل الطرائق لتعليم الأطفال التحكّم في مشاعرهم، يأتي دور الآباء المهم الذي يتمثل في أسلوب تربيتهم وتوجيهاتهم حتى يتعرف الأبناء إلى مشاعرهم، وكيفية التعبير عنها بالطريقة المناسبة؛ ما يكسبهم الكثير من الأخلاق الكريمة، خاصة إن بدأ الاهتمام والتوجيه في السنوات الأولى من عمر الابن. اللقاء وخبيرة التربية والصحة النفسية للطفل الدكتورة سوسن المراغي للشرح والتفسير.
أسباب غضب وصراخ الطفل
كثير من الأطفال تنتابهم نوبات الغضب والثوران والتحدي والعراك عندما يشعرون بمشاعر قوية لا يمكنهم السيطرة عليها، في حين أن البعض الآخر قد اعتادوا التصرف هكذا؛ لأن ذلك يمنحهم ما يريدون من انتباه أو ربما حصلوا على وقت إضافي على أجهزتهم الإلكترونية، وفريق ثالث من الأطفال يواجهون صعوبة حقيقية في الحفاظ على هدوئهم؛ لأنهم حساسون بشكل غير عادي.
ابدأ، أيها الأب، بالحديث عن مشاعرك وصف لهم أفضل طريقة للتعبير عن هذه المشاعر، يمكنك أيضًا إنشاء فرص لطفلك للتوصل إلى حلول لمواقف مختلفة، ثم ناقشي، أيتها الأم، سبب كونها مناسبة أو غير مناسبة، مثل نوبات الصراخ ومشاعر الغضب من شيء، واشرحي طريقة التخلص من هذا الشعور باقتراح ممارسة رياضة يحبها أو يهتم بها مثلًا.
قد تكون المشاعر المختلفة التي يمر بها أطفالك يوميًا غريبة عليهم في البداية، ولا يعرفون لها سببًا، ولكن يمكنك مساعدتهم عن طريق تسمية هذه المشاعر بشكل مناسب، على سبيل المثال يمكنك أن تقول: " يجب أن تذهب إلى العمل، وأنت حزين لتوديعها" أو "بالأمس كنت غاضبًا؛ لأن صديقك انتزع لعبتك المفضلة"، ويمكنك أيضًا استخدام الكتب المصورة أو مقاطع الفيديو لتوضيح المشاعر المختلفة لشخصيات القصة لطفلك؛ حتى يتعلم التعبير عن مشاعره بالكلمات الواضحة وتحديد شعوره بشكل واضح.
يحتاج الأطفال الصغار ومرحلة ما قبل المدرسة إلى الارتباط والشعور بالارتباط بأمهم وأبيهم؛ من أجل تنظيم عواطفهم والتعامل معها، وبالتالي عندما تلاحظ أن طفلك يشعر بالضيق أو الإرهاق، فإن أفضل ما يمكنك فعله له هو إعادة التواصل معه: ما يساعدك على رؤية الأشياء من منظور طفلك، وما يسمح لك بالاستجابة بشكل مناسب معه.
إحدى الطرائق لمساعدة الأطفال على التعرف إلى مشاعرهم والتعبير عنها هي: مقاومة الرغبة في معاقبتهم؛ فهذه الأساليب لا تساعدهم في التعامل مع عواطفهم ومعرفة تفاصيلها، وباللجوء إلى هذه الأساليب، يحصل الأطفال على رسالة مفادها أن عواطفهم "السيئة" هي المسؤولة عن سوء سلوكهم، نتيجة لذلك يحاولون كبح مشاعرهم؛ ما يجعل الطفل منطويًا على نفسه.
ردود فعل بعض الأطفال أقوى من نظرائهم أو إخوانهم؛ فهم لا يشعرون بالأشياء بشكل مبالغ فيه وسريع وعصبي فحسب، بل غالبًا ما يكونون أبطأ في العودة إلى حالة الهدوء كذلك. علميًا عندما تغمر المشاعر القوية الأطفال؛ فإن الجانب العاطفي من الدماغ لا يتواصل مع الجانب العقلاني، الذي ينظم العواطف ويخطط لأفضل طريقة للتعامل مع الموقف الحالي. ويطلق الخبراء على هذه العملية "خلل التنظيم"، وفي هذه الحال لا يكون من المفيد مناقشة ما يحدث، ولكن يجب الانتظار حتى يهدأ الطفل ويصبح عقلانيًا مرة أخرى.
لا ينتقل الأطفال من الهدوء إلى الغضب في لحظة واحدة، ولكن تلك المشاعر تطفو كموجة يمكن للأطفال تعلم التحكّم فيها من خلال ملاحظة مشاعرهم وتصنيفها في وقت مبكر، وهنا يأتي دور الآباء في البدء بمساعدة الأطفال على فهم كيفية عمل عواطفهم.
إن تجاهل بعض السلوكيات مثل الأنين أو الجدال أو اللغة غير اللائقة أو الانفعالات، هو وسيلة لتقليل فرص تكرار هذه السلوكيات من جانب الطفل، ويُطلق عليه تجاهل "نشط"؛ لأنه يسحب الانتباه بشكل واضح، ويتم ذلك بأن تدير وجهك وأحيانًا جسدك بعيدًا، أو تغادر الغرفة عندما يتورط طفلك في سلوكيات سيئة بسيطة من أجل جذب انتباهك، ويفضل فتح النقاش حول سبب الانفعال المبالغ فيه السابق الذي مر به الابن.
هناك طريقة رئيسة أخرى للمساعدة في منع الأطفال من ردود الفعل المنفعلة، وهي توضيح ما تنوين القيام به؛ فمن الجيد إعطاء تحذير مسبق لطفلك، مثل إيقاف نشاط يشاركون فيه ويستمتعون به. ومن شأن ذلك أن يساعد الأطفال في الشعور بالاستعداد، كأن تقول لابنك: "في غضون 15 دقيقة، سنجلس على طاولة الطعام؛ لذا أنت بحاجة إلى إيقاف تشغيل الجهاز في ذلك الوقت".
عندما يُطلب من الأطفال القيام بأشياء لا يفضلون القيام بها؛ فمن الأفضل منحهم خيارات، قد يقلل ذلك من نوبات الغضب ويزيد من قبول الأمر الواقع.
يُفضل فتح النقاش حول سبب الانفعال المبالغ فيه السابق الذي مر به الابن، على الرغم من أن بعض الآباء يتجنبون ذلك بعد انتهاء الموقف، فإن إشراك الطفل في التفكير فيما حدث، ووضع إستراتيجيات حول ما كان يمكن القيام به؛ قد يفيد في المستقبل القريب حينما يمر الطفل بالمشاعر نفسها مرة أخرى
التواصل الإيجابي مع طفلك بشكل ثابت، لمدة 5 دقائق في وقت معين كل يوم، يمكن أن يساعد الطفل في إدارة التوتر خلال الأوقات الأخرى من اليوم، ويتميز وقت التواصل الإيجابي مع طفلك أنه بلا أوامر، ويتضمن أيضًا تجاهل أي سلوك خاطئ بسيط، فقط الاهتمام بطفلك والسماح له بتولي زمام الأمور.
سيدتي - خيرية هنداوي
اختاري العقاب المنساب للطفل، ولا تبالغي فيه لكي لا يرث الطفل حقدًا دفينًا على المجتمع من حوله وينعكس ذلك على تصرفاته،
تشير الإحصائيات إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا كبيرًا على الأجهزة المحمولة هم أكثر عرضة لتطور المشكلات السلوكية
تضمّ 12 لوحة فنّية مستوحاة من رواية الكاتب الفلسطيني غسّان كنفاني (1936 - 1972)، رسمها طلّاب من 11 مدرسة .
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال