عالِم لبناني من الجنوب كاد أن يحكم فرنسا!

عالِم لبناني من الجنوب كاد أن يحكم فرنسا!

كان العالم الفيزيائي النابغة "رمّال رمّال" طفلًا شديد الحبّ بالقراءة وعالم الكتب..

حرّر أهل جنوب لبنان الذين يتقنون ثقافة العيش أرضهم من رجس أقذع عدو، تدرّجًا من الزيت المغلي إلى الصاروخ الموجه، هي أدمغة رفدت البشرية ومن بينهم العالِم رمّال رمّال، فدُرّست ملحمة انتصارها بعد تفوقها العلمي على العدو الإسرائيلي في كليات ومعاهد العالم.

ترفل تلك الأرض المعفّرة بالدماء في جنوب لبنان بالمدد الكثير، هي تسمو بناسها، ولاّدةٌ بنخبها، أصيلةٌ في معاجنها ومعادنها. في تلك الأرض يسمو الثرى أكثر فأكثر فيمتزج بالثريا، استنادًا إلى تاريخٍ تليد وماضٍ مجيد، وجغرافيا تهامس أرض فلسطين. هم صنّاع مجتمع، ماجدون وماجدات في شتى المجالات،  مثقفون رائدون، نثروا علمهم على مدى لبنان والاغتراب والعالم، يجمعهم عبق النضال المديد، من الوريد إلى الوريد.   

العالِم رمّال أحد علماء العصر

من بلدة الدوير التي تقع إلى الغرب من مدينة النبطية اللبنانية،لمعَ اسم رمّال رمّال،الطفل النابغ منذ نعومة أظافره، وهو بحسب المعلومات التي استقاها الميادين نت كان شديد التعلّق بالدراسة وعالَم الكتب،  وكثيرًا ما شاهده أهل البلدة يقرًا وهو يفترش بساط الطبيعة، وبالطبع فقد كان يحظى باهتمام الأهل ودعمهم. وبما أن فرص التفوّق في البلدة آنذاك كانت محدودة، فقد انتقلت العائلة إلى العاصمة بيروت ليكمل تحصيله الجامعي قبل سفره إلى الخارج.

يعدّ رمال حسن رمّال أحد أهم علماء العصر في مجال فيزياء المواد كما وصفته مجلة "لوبوان" الفرنسية، التي قالت أيضًا إنه مفخرة لفرنسا كما اعتبرته دوائر البحث العلمي في باريس السابع من بين 100 شخصية صنعت في فرنسا الملامح العلمية للقرن الحادي والعشرين. ولد رمّال في 30 أيلول/سبتمبر 1951 في بلدة الدوير الجنوبية المميزة بالطاقات البشرية ذات الكفاءات العالية ومن بينها رولا حطيط أول فتاة لبنانية كابتن طائرة تخرجت من اسكوتلندا، ومنها وزراء ومستشارون وخبراء وأخصائيون مشهورون.

انتقل إلى فرنسا وهو يبلغ من العمر 18 عامًا، ليبدأ مشواره العلمي والبحثي، حيث حصل سنة 1973 على شهادة الكفاءة في الرياضيات البحتة من جامعة جوزيف فورييه (UJF) في غرونوبل. وفي العام التالي،  نال شهادتي الكفاءة في الفيزياء والكفاءة في الرياضيات التطبيقية من الجامعة نفسها. في العام 1977 وحصل على شهادة الدكتوراه (حلقة ثالثة) في الفيزياء. قبل أن يتم في العام 1981 الدكتوراه الدولية من جامعة فورييه نفسها.

عمل رمّال في مجال المادّة المكثّفة (matière condensée) و‌الفيزياء الإحصائية والنظريّة في مركز البحوث حول درجات الحرارة الشديدة الانخفاض. (بالفرنسية: Centre de Recherches sur les Très Basses Températures)‏ في غرونوبل. و الجدير بالذكر، أن تميُّز أبحاثه وكميّة ونوعيّة مقالاته العلمية خوّلاه الحصول على سمعة ممتازة فرنسيًّا وعالميًّا. بالإضافة إلى تكريمه بالعديد من الجوائز والميداليات.

أصغر عالِم في جيله

في العام 1984 حصل على الميداليّة البرونزية التي يمنحها سنويًّا المركز الوطني للبحوث العلمية في فرنسا (المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي) تكريمًا لأفضل الباحثين الشباب في بداية مشوارهم العلمي. أطلقت عليه مجلة The Nature البريطانية العام 1984 لقب أصغر عالِم في جيله، وفي السنة ذاتها قلّده وزير الثقافة الفرنسي Jack Lang ميدالية برونزية عن أفضل بحث في فرنسا. وفي العام 1988 حاز ميدالية فضية من المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية. وفي  1989  قالت مجلة Le Point  الفرنسية  إن خصوبة إنتاجه الهائل على المستوى النظري لم يمنعه من الاهتمام بالعلوم التطبيقية. وذلك في مركز الأبحاث على درجات الحرارة المنخفضة جدًا CRT BT الذي كان يترأسه.

في العام 1989 اعتبرته المجلة الفرنسية المذكورة واحدًا من بين 100 شخصية فرنسية مهيئًا لتغيير وجه فرنسا على أبواب العام 2000، كما تمكّن من التوصل إلى اكتشافات علمية مبهرة في مجال الطاقة. ومن أبرز إنجازاته العلمية اكتشافاته في مجال الطاقة البديلة باستخدام الطاقة الشمسية والكهرباء الجوية والطاقة الصادرة عن بعض الأجسام الطبيعية. واستحدث المجتمع الفرنسي الفيزيائي (SFP ) ميدالية باسمه تُمنح كل عام للفيزيائيين المتميزين في حوض المتوسط. استمرت هذه الجائزة من العام 1993 وحتى العام 1999 حيث توقفت نتيجة الضغوط اللبنانية لعدم منح الجائزة لإسرائيلي.

منذ العام 1999 وحتى يومنا هذا، تخصص الجمعية الأوروبية لتقدم العلوم والتكنولوجيا (Euroscience) جائزة سنوية للفيزيائيين المتميّزين في حوض المتوسط تخليدًا لاسمه، أمّا الجائزة السنوية التي تقدّم للعلماء سنويًا فهي محفورة باسمه.

وسام الأرز اللبناني

نشر  رمّال ما يقارب الـ 120 مقالًا علميًا في أشهر المجلاّت المتخصصة بالرغم من وفاته في ريعان الشباب (40 عامًا)، و بعد وفاته منحته الدولة اللبنانية وسام الأرز من رتبة كومودور. وعُقد في غرونوبل مؤتمر علمي باسمه حيث نشرت فيه أعماله في عدد خاص سنة 1993.

كتب عنه عدة كتب منها:

– "رمال حسن رمال: العالم اللبناني الذي كاد يحكم فرنسا" في هذا الكتاب الذي صدر عام 2001 عن  "دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع" ترجمة لرجل عظيم من لبنان هو "رمال حسن رمَّال" الذي لم تسعه آفاق بلدته الدّوير، ولا سماء وطنه لبنان، فقرر السفر إلى فرنسا. هذا ولم يتوقف نهر عبقرية الشاب عند حدود فرنسا وحدها وإنما واصل تدفُّعه واندفاعه حتى عم بلاد العالم كله بخيراته وعطاءاته. سيّما بعد أن تمكن من السيطرة على علوم الرياضة وفروضها وأدخلها مادة هينةً في علوم الفيزياء والطاقة المنخفضة فأوجد بذلك معادلة فريدة مبتكرة لم يسبقه إليها أحد من العلماء أو المشتغلين بهذه الحقول. وكان للعالِم الراحل علاقات مميزة مع شخصيات كبيرة لبنانية، نذكر من بينها الإمام المغيّب  السيد موسى الصدر  الذي كان رائدًا في تشجيعه وحثّه على المتابعة والتفوق.
تكريمًا للعالم الكبير أنشئت ثانوية رمّال رمّال الرسمية في بلدته،  وهي معروفة بمستواها الجيد وهي تحيي ذكراه على الدوام. وذلك بتخريج الكفاءات العالية من الطلاب المتميزين كل عام.

العالم الفيزيائي رمّال مع الإمام المغيّب السيد موسى الصدر

 صرح مدرسة رمال رمال المتميز

جاءت وفاة  رمّال  في أيار 1991 في فرنسا، في ظروف مريبة حيث حدثت في المختبر ووسط الأبحاث العلمية، كما جاءت الوفاة عقب وفاة عالِم لبناني آخر هو الدكتور  والعالِم ابن مدينة النبطية اللبنانية حسن كامل صباح. ودفن في مسقط رأسه في بلدته الدوير، حيث أقيم ضريح تخليدًا لذكراه. ولم تسمح السلطات الفرنسية التي رافقت جثمانه إلى لبنان بالكشف عليه. إلّا أن شقيقه المقيم في فرنسا قال يومها ، إنّ رمّال كان يعاني مشكلات في القلب. كما أشار إلى أن الإجهاد تسبّب بوفاته. ويبقى أن السردية العامة تتحدث عن مقتله، خاصة وأن الحرس الفرنسي رافق الجنازة حتى مواراة الثرى، مع التشدد لجهة عدم فتح "التابوت".. 

ضريح العالم رمّال رمّال

في الدوير يبقى منزل العائلة شاهدًا على ولادة طفل سَبر العالمية، مع ضريحٍ مهيب ينهض شاهدًا على لبناني جنوبي نابغٍ محضَ أرضه حقّها، وهو  "حارب" بسلاحِ العلم، مع تفوّقٍ مقرون بمنطق الحق الذي تحميه سواعد الرجال...

المصدر: نقلًا عن الميادين نت


 

مواضيع مرتبطة

«أنصتوا لضمائركم»: طفلة بريطانية تطلق حملة تبرعات لأقرانها في غزة

بعض زملائها استغربوا المبادرة، فيما بادر آخرون إلى دعمها والتبرع لها..

"ما سمهاش هيك"..من فلسطين !

" شباب الذاكرة".. موجهّة لأجيالنا كي لا ننسى أسماء قرانا وبلداتنا في فلسطين الحبيبة..

طلاب في كندا يطلقون أسماء قرى فلسطينية على مباني جامعتهم

جرى توثيق مقطع فيديو لحظات تغيير أسماء ما لا يقل عن 30 مبنى داخل الحرم الجامعي في مدينة مونتريال الكندية،

كلمات مفتاحية

معلومات ثقافية