Meta... "لايك" على بياض للسردية الصهيونية..!

Meta...

تعمل "ميتا" على فرض قواعد أكثر صرامةً حول انتقاد "القومية الإسرائيلية" على منصاتها. وهو تغيير كبير يخنق حرية التعبير حول الحرب على غزة ..

في أثناء تصفّح موقع إنستغرام، يقابلك فيديو مموّه على صفحة palipulse في إشارة إلى أنّه يتضمّن معلومات كاذبة، فيما يمنع التنبيه الظاهر على الشاشة مشاهدته. يظهر الفيديو الذي يعود تاريخه إلى 13 شباط (فبراير) المنصرم، الجدول الزمني لامتداد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. 

يترافق التنبيه مع إشارة إلى أنّ مدققي أخبار بحثوا في المعلومة وتأكدوا بأنّها خاطئة، مقدّمين رابطًا لشرح هذه النتيجة. يأخذنا الرابط إلى موقع تشيكيّ يدعى demagoge، يُعرّف نفسه بأنّه مستقلّ متخصّص في التدقيق في الأخبار الكاذبة، في ما يتمثّل نشاطه في التصويب على الأقاويل الكاذبة والمضلّلة في الفضاء العام. يفيد الموقع بأنّه جمعية «طوعية غير ربحية وغير مرتبطة بأي كيان سياسي، تسير في أنشطتها وفقًا لمنهجية متاحة للجمهور بشكل واضح، مع التركيز على معايير العمل الصحافي».

خلال عملية تقصّي الحقائق، على الصحافي أن يقف على مسافة من الخبر، ولا يتبنى أي موقف للإحالة من دون أي تدخل عاطفي أو رأي شخصي، قد يؤثر على صدقية عمله، وحكمًا في عملية تدقيق المعلومات. في إطار تبريره لتصنيف الفيديو ضمن خانة المعلومات الخاطئة، ينشر موقع demagoge مقالًا بعنوان «يصوّر الفيديو التطور التاريخي الخيالي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني»، ويستكمل شرحه بالقول: «بحسب الفيديو، احتلّت القوات الإسرائيلية أراضي فلسطين تدريجيًا من الساحل البحري، مع استمرار القتال منذ العام 1948. لكن في الواقع، لم تظهر القوات الإسرائيلية على الساحل في العام 1948، ولم يكن هناك سوى بضع سنوات من القتال بين الدولة اليهودية والدول المجاورة. وكانت التغييرات الإقليمية مفاجئة حتى على حساب إسرائيل».

ينقل الموقع الرواية الإسرائيلية لاحتلال فلسطين: «منذ العام 1517، كانت أراضي فلسطين تابعة للإمبراطورية العثمانية. أصبحت المنطقة مأهولة بشكل رئيس من العرب المسلمين، لكن أيضًا من العرب المسيحيين واليهود. وبالفعل في القرن التاسع عشر، بدأ وصول اليهود الفارين من المذابح في أوروبا. وفي فلسطين، اشتروا الأراضي من أصحابها العرب الذين غالبًا ما كانوا ينتمون إلى الطبقة العليا في المجتمع ولم يسكنوا أراضيهم»، قبل أن يعرّج على «وعد بلفور» مسوّغًا للاحتلال، واصفًا المجازر الإسرائيلية وحملات تهجير الفلسطينيين في إطار «تصاعد أعمال الشغب والعنف من الجانبين». وخلُص تحليل فريق التدقيق إلى أنّ: «الفيديو يصف بشكل غير صحيح تطوّر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويشير إلى أنّه منذ العام 1948 قامت القوات الإسرائيلية باحتلال أراضي فلسطين تدريجيًا. لكن لم يحدث شيء من هذا القبيل، فقد أعلنت الدولة اليهودية استقلالها فقط في أيار /مايو 1948 بموجب قرار الأمم المتحدة».

تحايُل الموقع في إطار التدقيق في المعلومات بهدف توجيه الرأي العام نحو الرواية الإسرائيلية، يترافق مع موافقة شركة ميتا على نشر آراء خاصة بصفتها معلومات صحيحة، من دون معرفة هوية الجهة المدققة، أو أنّها ربّما تعرف وتقبل بذلك، لتصبح المشكلة مضاعفة، وخصوصًا أنّ ميتا تعمل مع مدققي حقائق مستقلين ومعتمدين من «الشبكة الدولية لتقصي الحقائق» IFCN، لتحديد ومراجعة وتقييم المعلومات الخاطئة عبر فايسبوك وإنستغرام وواتساب.

لشركة ميتا شروط محددة لقبول الأخبار المدقّق فيها، إذ تعتمد على مدققي حقائق مستقلين لمراجعة وتقييم دقة القصص عبر التقارير الأصلية. وعند التدقيق في أي قصة، تعمد الشركة إلى التخفيف من انتشار المحتوى كي لا يصل إلى عدد كبير من الناس، مع تنبيه المتلقين إلى أنّه «كاذب» من دون إزالة المنشور.
توسّع برنامج تدقيق الحقائق الذي تعتمده ميتا، منذ العام 2016، ليشمل أكثر من 90 منظمة تعمل بأكثر من 60 لغة على مستوى العالم، وينصبّ تركيزه على معالجة المعلومات الخاطئة المنتشرة على نطاق واسع، متبعةً نهج تعريف الخبر الكاذب وعرض المعلومات الخاطئة المحتملة باستخدام إشارات، مثل «التعليقات الواردة من مجتمعنا» أو «اكتشاف التشابه». كما أنّها تراجع وتقيّم دقة القصص عبر التقارير الأصلية، ما قد يشمل إجراء مقابلات مع المصادر الأوّلية والمقارنة مع البيانات العامة، وإجراء تحليلات لوسائل الإعلام بما في ذلك الصور والفيديوات.

عند التأكد من عدم صحة منشور ما، تبلّغ المنصة الأشخاص الذين سبق أن شاركوا أو حاولوا مشاركة المحتوى بأنّ المعلومات التي يتضمّنها غير صحيحة، كما تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوسيع نطاق عمل مدققي الحقائق، عبر تطبيق ملصقات تحذيرية على النسخ المكررة من «الادعاءات الكاذبة» والحدّ من توزيعها.
أسئلة حول صدقية فرق التحقّق من المعلومات المتعاونة مع المنصة

يتبع جميع شركاء التحقق من الحقائق مدونة مبادئ IFCN، وهي سلسلة من الالتزامات التي تشمل الابتعاد عن الحزبية والعدالة وشفافية المصادر والتمويل والتنظيم والمنهجية وسياسة تصحيحية معلنة وصادقة.

لا يخضع موقع demagoge لمعايير ميتا في تدقيق المعلومات، ما يطرح أسئلة حول صدقية فرق تدقيق الأخبار المتعاونة مع المنصة، ويجعل كل جهودها في محاربة الأخبار الكاذبة مجرد ادعاءات في عصر الأخبار الكاذبة و«ترند» تقصّي الحقائق. إلا أنّ الأمر يتناسق مع موقف منصّات ميتا من المحتوى الداعم للقضية الفلسطينية، حيث عمدت الشركة منذ عملية «طوفان الأقصى» إلى إزالة أو تقييد المحتوى الذي يدعم فلسطين أو حقوق الإنسان الفلسطينية بشكل متكرر.

في تقرير لاذع مكوّن من 51 صفحة، وثّقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» وراجعت أكثر من ألف بلاغ  لإزالة محتوى ميتا وتعليق حساباته أو حظرها بشكل دائم على فايسبوك وإنستغرام. عرضت الشركة «ستة أنماط رئيسة من الرقابة غير المبررة» على المحتوى دعمًا لفلسطين والفلسطينيين، بما في ذلك إزالة المنشورات والقصص والتعليقات وتعطيل الحسابات وتقييد قدرة المستخدمين على التفاعل مع منشورات الآخرين، والـ shadow ban (الحجب غير المُعلن) الذي يضيّق انتشار المحتوى بشكل كبير.

تعمل شركة ميتا على فرض قواعد أكثر صرامةً حول انتقاد "القومية الإسرائيلية" على منصاتها. وهو تغيير كبير في السياسة يمكن أن يخنق النقد وحرية التعبير حول الحرب في غزة وخارجها، وفقًا لما خلُص إليه موقع The Intercept، بعد مراجعته رسالة إلكترونية بُعثت إلى مجموعات المجتمع المدني الأميركي في 30 كانون الثاني (يناير) الماضي. ويفيد نصّها بأنّ الشركة تعمل على إعادة النظر في سياسة خطاب الكراهية الخاصة بها، وتحديدًا في ما يتعلّق بمصطلح «صهيوني».

ومع أنّ ميتا لم تتخذ قرارًا نهائيًا بشأن هذا القرار، فإنّها تطلب تعليقات حول تغيير محتمل في السياسة من المجتمع المدني وجماعات الدفاع عن الحقوق الرقمية. وتشير الرسالة الإلكترونية إلى أنّ الشركة «تراجع هذه السياسة في ضوء المحتوى الذي أبلغ عنه المستخدمون وأصحاب المصلحة أخيرًا»، لكنّها لا تتضمّن تفاصيل المحتوى المعني أو تذكر أسماء أي من أصحاب المصلحة.

من المتوقّع أن تحذف الشركة المنشورات التي تستخدم مصطلحَيْ «يهودية» أو «إسرائيلية»، وكلاهما فئتان محميتان بموجب قواعد خطاب الشركة. ومن شأن تغيير السياسة الذي تدرسه ميتا حاليًا أن يمكّن مشرفي المنصة من فرض هذه القاعدة بشكل أكثر قوة وتوسعًا، ما سيرفع بشكلٍ كبير عمليات حذف المنشورات التي تنتقد دولة الاحتلال الإسرائيلي.

لا يمكن الجزم بأنّ الشركة قد وقعت في فخّ مدققي أخبار منحازين، فالتنبيه حول المنشور ما يزال قائمًا، وبالتالي هي لا تمانع هذا التضليل، لتأخذ ميتا موقفًا واضحًا وصريحًا بأنّها في صف "إسرائيل" وأنّ المستخدمين مجرّد صنّاع محتوى في خدمة الاحتلال.

غادة حداد/ جريدة الأخبار

مواضيع مرتبطة

واتساب يختبر خاصية لنقل الملفات من دون اتصال بالإنترنت

People Nearby تستخدم في واتساب تقنية بلوتوث لنقل الملفات بين الأجهزة 

خوفًا من السلوك الإدماني.. تيك توك تعلّق ميزة المكافآت 

ميزة "تيك توك لايت" تشترط على المستحدمين أطول مدة في مشاهدة محتوى التطبيق للحصول على مكافآت مادية..

قرغيزستان تحجب تطبيق تيك توك بحجة حماية الأطفال

أكثر من مليار مستخدم نشط في أنحاء العالم كافة يستخدمون التطبيق الذي يواجه تحديات جمّة.

كلمات مفتاحية

أطفال فلسطين