من أهم أسباب نجاحهم المستقبلي.. كيف نربي أبناءنا تكنولوجياً؟

من أهم أسباب نجاحهم المستقبلي.. كيف نربي أبناءنا تكنولوجياً؟

بادئ ذي بدء لا بد أن نعترف أن المعرفة التكنولوجية للجيل الجديد تعتبر من أهم أسباب نجاحه المستقبلي؛ حيث أصبح العالم يُدار بكل الوسائل التكنولوجية المتاحة، وتتسابق الدول المتقدمة فيما بينها لشغل أكبر حيز في هذا العالم، وتلحق بها الدول النامية حثيثاً، فمن لم يشغل لنفسه مكاناً سيكون في عداد المفقودين والمنسيين مستقبلياً، ولأن الأبناء هم صناعة الآباء فلا بد لنا كآباء أن نُدرك كيف نرشد أبناءنا لهذا العالم التقني، والذي يؤمّن لهم مكانة مرموقة، إضافة إلى درجاتهم الدراسية والعلمية.

الجيل الجديد من الأبناء استطاع أن يدخل عالم التقنيات التكنولوجية مبكراً جداً عما كان عليه آباؤهم، فالطفل الأقل من سنتين يمكنه الجلوس لفترات طويلة أمام شاشات التلفزيون دون أن يحرك ساكناً فيه، فقط يستمع ويشاهد الأغاني والأناشيد، وخاصة الكارتونية منها بنظر موجه، يجعله في عالم آخر.


فهل هذا جيد تكنولوجياً أو معرفياً؟

ثبت علمياً أن التعرض للأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من التلفزيون له بالغ الضرر على العين، ثم على الشق الأيسر من المخ، ونشاط زائد في الشق الأيمن، وأيضاً الحركات الكارتونية غير الطبيعية (سقوط جسم القط توم قبل رأسه مع الإطالة والمط في رقبته) تجعل الطفل لا يتجاوب مع المؤثرات الطبيعية الحقيقية من حوله، مما يصل بالطفل إلى الاكتئاب النفسي والانطواء، وأيضاً إدمان التلفزيون ومرئيات الشاشات عن الانسجام مع من وما حوله.

 

فما البديل في هذه المرحلة؟

البديل التقني في هذه المرحلة هو مشاهدة الكتب المصورة والغنية بالمعلومات التي تناسب عمره، مثل الكتب التي تصف الأشخاص والحيوانات، وتنظيم مشاهدة التلفزيون، ويا حبذا إذا شاهد برامج توضح له كيفية التعامل وإجادة العبارات وربط الجمل والكلمات، وإن لم تكن على قنوات التلفزيون فهي على الإنترنت، وخاصة اليوتيوب. أما استخدام الأجهزة التكنولوجية كالكمبيوتر واللوحات اللمسية، فينصح أن تقتصر على ألعاب نمو وتنشيط الذاكرة، وأن يتم اختيارها لهم بعناية فائقة، وأن يظل أحد الوالدين بجانب الطفل حينها.
بعد ذلك يدخل الطفل في مرحلة عمرية تسمح له بالاستخدام الفعلي للأجهزة التكنولوجية بدلاً من اللعب والعبث بها فقط، ومن هنا يمكن أن يصعد السلم التقني شيئاً فشيئاً، فكيف لنا كآباء أن نأخذ بيده للصعود؟

أولاً: نظم التشغيل

المقصود هنا هو استخدام أنظمة الأجهزة المختلفة كالويندوز، المكانتوش، اللينيكس، الأندرويد والآي أو إس… حسب النظام الموجود على الكمبيوتر أو الجهاز اللوحي الذي سيستخدمه الطفل، ولا نقلق من عدم استيعاب الطفل لما سنقوله؛ لأن عقله في هذا العمر المبكر يكون متأهباً لشغل كامل المساحات الفارغة فيه، فلا نبخل عليه بشيء، ولكن مع وضع الضوابط الآتية:

  • المراقبة الجادة للطفل عند جلوسه على الكمبيوتر.
  • عدم إضاعة كامل وقته على الألعاب، وإنما يُخصَّص لها وقت محدد.
  • تحفيز الطفل على سرعة الكتابة بلوحة المفاتيح (الكيبورد) وإتقان أسلوبها وتقنياتها.
ثانياً: استخدام الإنترنت:

دخول عالم الإنترنت للطفل مبكراً هو شر لا مفر ولا مهرب منه؛ حيث باتت كامل الأجهزة التكنولوجية تتعامل مع الإنترنت بشكل مباشر. ففي البداية سيدخل الطفل للإنترنت عبر الأجهزة اللوحية للحصول على الألعاب، ومن ثم للبحث عن الأصدقاء الافتراضيين في عالم التواصل الاجتماعي الشبكي، ثم البحث عن كل ما هو جديد وغير معروف بالنسبة له، ولا بد أيضاً في هذه المرحلة ألا يُترك له الحبل على الغارب.

فعلينا بالضوابط الآتية:

  • استخدام الإنترنت النظيف الخالي من الإباحيات (يوجد كثير من برمجيات حجب هذه المواقع).
  • الرقابة الصارمة للطفل بالقرب (بالعين المجردة) والبعد (بالبحث وراءه في سجل بحث المتصفح).
  • التوعية بعدم التعامل مع الغرباء على الإنترنت، وحثه على الإفصاح عن أي تهديد يلحق به.
  • توجيه الطفل لما يفيده من مواقع، وليست الإفادة العقيمة، بل الإفادة بما يمتعه ويثريه.
  • تعليم الطفل كيفية البحث السليم عن المعلومة الصحيحة بالإنترنت والكتب.
ثالثاً: القراءة السريعة

من أكبر المشكلات التي تواجه الطفل، وخاصة في مرحلة المراهقة، هو عدد الأسئلة اللامتناهي عما يدور حوله، والأكبر من ذلك هو الكم المعلوماتي الضخم الذي لن يستطيع بأي صورة من الصور تحصيله بالقراءة، فهناك تريليونات المعلومات المتاحة في الكتب والأبحاث ومقالات الإنترنت. فتخفيفاً ودعماً لحل هذه المشكلة لا بد للطفل أن يتعلم أسس (القراءة السريعة) التي سوف تضعه في مصافّ النوابغ الذين يُطلق عليهم.

رابعاً: اللغات الأجنبية

يأمل غالب الآباء تعليم أبنائهم في مدارس اللغات، التي تتيح للطفل إجادة التعامل باللغات الأجنبية؛ لكي يحجز له مكاناً في مستقبل لا يستوي فيه صاحب اللغات بمن دونه. ولكن إذا لم تتَح للطفل هذه الدراسة في مدراس اللغات، فلا بد من الإسراع بتعليمه لغة إضافية، وبالطبع تأتي في المقدمة (اللغة الإنجليزية)، وذلك للغنى المعرفي الطاغي لهذه اللغة في شتى نواحي الحياة عن أي لغة أخرى، فالعلم قديماً كان يكتب باللاتينية، وأصبح حديثاً يكتب بالإنجليزية في غالب الأبحاث والمراجع الكبرى.

 

خامساً: عالم البرمجيات

في عمر متقدم نوعاً ما للطفل، لا بد له من الدخول في عالم البرامج وإتقان استخدامها عوضاً عن إتقانه للألعاب، والتي لن يكون لها مردود عليه مستقبلياً إلا ما ندر، وهذه البرامج تجعله قادراً على بلورة أي موهبة له.

وهي كثيرة ومتعددة، أذكر أهمها البرامج التالية:

  • برامج الكتابة وتنسيقاتها وتنظيمها (مثل Word, Excel, PowerPoint).
  • برامج تعديل الصور والرسم الحر والهندسي Photoshop, AutoCad).
  • برامج الرسم ثلاثي الأبعاد (3D Max, Cinema 3D).
  • برامج صناعة الميديا والفيديو (موفي ميكر، سوني فيجاس، أدوبي بريمير وأدوبي أفتر إفكتس).
  • تصميم المواقع وصفحات الإنترنت (HTML، PHP، ASP وJAVA وكل البرامج التي تعمل عليها).
  • البرمجة وصناعة البرمجيات والتعامل مع البيانات (أكسس، فيجوال استوديو ولغات البرمجة المتقدمة).


أخيراً، نحن كآباء وأمهات لم ولن نتوانى عن توفير أفضل السبل التي تضمن ولو جزءاً من السعادة لأولادنا والاطمئنان عليهم في حاضرهم ومستقبلهم، ومن أبرز هذه السبل والوسائل تثقيفهم التقني والتكنولوجي، الذي سوف يمكنهم من الدخول لآفاق جديدة في عالم الثورة المعلوماتية، الذي يتغير لحظياً حسب ما تصل إليه تكنولوجيا التو واللحظة.