هل طفلك يخاف النوم وحيداً؟

هل طفلك يخاف النوم وحيداً؟

نصائح علم النفس الاجتماعي للتعامل مع المشكلة وطُرق حلها

كثير من الأهل يعتقدون أن ترك الطفل وحده يتعامل مع مخاوفه ويعالج نفسه بنفسه هو الحل الأمثل. لكن هذا الحل قد يكون سببا لاضطرابات أكثر خطورة. الطفولة من أكثر المراحل العمرية التي يظهر فيها الخوف، إذ يعاني الكثير من الأطفال أثناء النوم من الخوف الشديد. وقد يصاحب هذا الخوف صراخ وبكاء شديد واستنجاد واستيقاظ مفاجئ، مما يجعل الطفل خائفا في فراشه. المشكلة الثانية التي يعاني منها ملايين الأطفال، هي الخوف من الظلام.
السؤال هنا؛ كيف دخلت إلى دماغ الطفل فكرة أن هناك وحشا عندما يكون الظلام؟
وكيف على الأمهات التعامل مع خوف أطفالهن عند النوم وخلاله؟

 

كوني أمّا لطيفة وحازمة

"لا أريد أن أنام في غرفتي وحيداً، أنا أخاف من الظلام هنالك وحوش ستخطفني". هذه الكلمات المتكررة يومياً والتي يطلقها "جاد" على مسامع والدته، وتحاول والدته تهدئته وأن لا شيء يستحق هذا الخوف، لكن جلوسه فترات طويلة في مشاهدة أفلام الرعب، وتقارير مرعبة عن الجن والوحوش جعلته يرى العديد من الكوابيس. وهذا الأمر دفعها لمنعه من مشاهدة هذه القنوات وحذفها، ثم إفهامه بأن هذا غير حقيقي وواقعي، حتى لا تبقى في مخيلته وتؤثر على نفسيته. وكانت متفهمة جدا وصبورة معه وحاولت معالجة ومواجهة هذا الخوف بالطريقة المثلى وهي المواجهة وبأن كل تلك الأمور ليست واقعية، وإعادة شعوره بالأمان وعدم القلق. ولكن هذه المسألة أخذت وقتا طويلا بمساعدة معالجة نفسية، وفي النهاية نجحت في إعادة ابنها إلى طبيعته المعهودة.

ومن أهم الأمور التي اعتمدتها الأم في علاج ابنها؛ تقليل الضغوط عليه عن طريق تجنب مشاهدته أفلام تتضمن مشاهد رعب، والتحدث معه حول مشاكله في المدرسة أو مع الأصدقاء ومحاولة حلها، والحفاظ على الاستقرار الأسري دون حدوث أي شجار عائلي أمامه، وحضنه بطريقة متكررة لإشعاره بالأمان مع قراءة القصص المفيدة له قبيل النوم. وتقول إنه "يجب على الأم أن تكون لطيفة مع ابنها وحازمة في نفس الوقت لتحصل على نتيجة إيجابية تخلص طفلها من المخاوف التي يمر بها في تلك الفترة".

 

علاج الخوف بطرق سليمة

وترى المختصة في علم النفس الاجتماعي منى درويش أن الحديث بهدوء مع الطفل حول الخوف وإعطاءه الثقة بقدرته في التغلب عليه أمران مهمان جدا. وهذا ما يحصل بالاستماع إليه والحديث معه، وإخباره أن الخوف شيء طبيعي ومتوقع من أشياء حقيقية. وتتابع على الرغم من معرفتنا كبالغين أن الغول والوحوش العجيبة لا وجود لها، لكن الطفل لا يستطيع بسهولة أن يتصور سخافة اعتقاد وجود مثل تلك الأشياء المخيفة، خصوصا عند فهم المصادر الكثيرة لدخول مثل هذه الأفكار المخيفة إلى ذهنه وتفكيره.

وتؤكد المختصة النفسية أنه "من الطبيعي أن يزداد خوف الطفل في الليل وعند النوم. وطبيعي حينها أن يبدأ بإبداء حاجته لأمه ورغبته أن يكون معها، وتحديدا أن ينام قربها في سريرها. والمطلوب من الأم أن تظهر للطفل القرب منه وإحاطتها له بالرعاية وصدق إحساسها بما يعاني منه، ومن الجيد إفهامه أن من الطبيعي أن يبحث عن أمه والأمان لديها، وأن أمه ستكون معه وبجواره. ولكن على الأم ألا تتمادى في الاستجابة لطلباته، وتحديدا النوم معها في سريرها. وعليها أن تقاوم هذا الطلب برفق ولطف، لأن النوم في غرفتها بشكل دائم لن يحل المشكلة".

 

تحذير للأمهات

وتشير المختصة النفسية إلى أنه من الخطأ مخاطبة الطفل بالقول "سأبحث تحت السرير لأثبت لك أنه لا توجد وحوش، أو لو كنت ولداً عاقلاً ومستقيماً لما خفت من الغول"، لأن هذا يمنح الطفل بشكل غير مباشر شعورا بأن لخوفه أساسا؛ أو أن الشيء الذي يخاف منه ممكن أن يكون موجودا حوله". كما يجب إبعاد الطفل عن مشاهدة أفلام الرعب عموما والأفلام الخرافية قبل النوم، أو تخويفه لعدم نومه.

إضافة إلى عدم إجباره على النوم في حجرة مظلمة إذا كان الطفل يشعر بالخوف من الظلام، وعدم الإصرار على إطفاء كل المصابيح أثناء النوم، ولكن يمكن استخدام الإضاءة الخفيفة، وترك باب الغرفة مفتوحاً قليلاً، فهذا يعطيه شعورا بالراحة والأمان أكثر. ومن الحكمة الوجود بجوار الطفل ومنحه العطف، دون الدخول في أية تفاصيل عندما يستيقظ مرعوبا بسبب كابوس. ويجب الحذر من لوم الطفل أو الصراخ بوجهه أثناء تلك الحالة. والتواصل معه باللمس، أي يجب حضن الطفل ومسك يده ليشعر بالأمان والاطمئنان، وعدم مغادرته سريره ليشعر أن كل شيء على ما يرام.

طرق مساندة

وتنصح المتخصصة النفسية بمحاولة الكشف عن المشكلات النفسية والاجتماعية والتعليمية التي يعيشها الطفل، وعلى الأم أن تتحلى بأقصى درجات الصبر في التعامل مع الطفل. ويعد الصراخ والعقوبة والإهمال، أساليب غير حكيمة، ورغم أنها تجعل الأمَّ مرتاحة، لكنها تترك الطفل مضطربا، وقد ترافقه اضطرابات النوم مدى الحياة. إضافة لمحاولة القيام بأنشطة خلال اليوم تركز على تعزيز ثقة الطفل في نفسه وبناء شخصيته واكتساب مهارات جديدة، وتشجعه على مواجهة مخاوفه وقت النوم.

 

أخطاء شائعة في علاج الخوف

وتشير المتخصصة إلى الأخطاء الشائعة في علاج الخوف من النوم عند الأطفال، وهي أساليب منتشرة، كالطرق الشعبية المتوارثة لتعليم الطفل النوم لوحده، ولكنها بكل أسف من الطرق الخاطئة والفاشلة والتي تزيد من المخاوف والاضطرابات النفسية لدى الأطفال ومن أهمها:

– تطهير الغرفة من الوحوش: من الطرق الخاطئة في علاج خوف الطفل عند النوم، وهي عندما تلجأ الأم لتمثيلية تطهير الغرفة من الوحوش قبل النوم، وهذه الطريقة قد تمنح الطفل شعورا بالأمان في بداية النوم، لكنها بلا شك تعزز إيمانه بوجود وحوش في غرفته، وتضاعف من خوفه وتزيد من فرص الفزع الليلي والنوم المتقطع بسبب الخوف.

روتين النوم الثابت: الحفاظ على روتين ثابت للأطفال، لكن هذا لا يعتبر جزءا رئيسيا في علاج خوف الطفل في وقت النوم، بل إن محاولة فرض روتين النوم بالقوة على الطفل قد تسهم في تعزيز مخاوفه من النوم.

خداع الطفل: وهو القول له إنكِ لن تتركيه وحده في الغرفة، وإنه يجب أن يحاول النوم فقط، ثم تخرجين بمجرد أن يدخل الطفل في النوم. وهذه الطريقة سيئة جدا وتسبب ضررا له أكثر مما تنفعه. يجب أن يفهم الطفل أنه سينام وحده، ويمكن أن تعديه بالعودة للاطمئنان عليه مرة أو مرتين ليلا، لا أكثر.

ترك التلفاز يعمل في غرفة الطفل: لا يستحسن وجود صوت في غرفة الطفل. كذلك يجب تجنب تسجيلات الاسترخاء المنتشرة على الانترنت، فالطفل يجب أن ينام في غرفة هادئة مع إنارة خافتة جدا أو مظلمة.

الإهمال: كثير من الأهل يعتقدون أن ترك الطفل وحده يتعامل مع مخاوفه ويعالج نفسه بنفسه هو الحل الأمثل، لكن الحقيقة هي أن إهمال الطفل وتركه يعيش مع خوفه من الظلام والوحوش والأشرار قد يساعده على ابتكار حل، لكن هذا الحل قد يكون سببا باضطرابات أكثر خطورة، ومنها بعض الاضطرابات الجنسية.

 

 


المصدر: موقع "جزيرة نت"

مواضيع مرتبطة

دورة تعليمية في اللغة الفارسية للأطفال..انضموا إليها

تهدف إلى إياد فرص نادرة للأطفال لتعلّم لغة أخرى؛ إضافة إلى لغتهم الأمّ.

كيف تجعلين طفلك يحبّ شهر رمضان ويرغب بالصوم؟

الطفل يحبّ كل ما هو جميل ومدهش، خصوصًا عندما يتغيّر الروتين اليومي للعائلة.

عادات لا تنقليها إلى أطفالك في شهر رمضان المبارك

يفرح الأطفال بشهر رمضان المبارك فرحة كبيرة، بسبب تغيير روتينهم اليومي ومشاركتهم أهلهم الإفطار وحتى محاولة الصيام مثلهم..

كلمات مفتاحية

إرشادات_اجتماعية