يتواصل الأطفال بعدة طرق، منها اللفظي الذي يقدم لمحة عما يدور في أذهانهم، والمهاري مثل الرسم، وتحليل رسومات الأطفال يساعد على فهم أعمق لحالتهم العقلية والنفسية. ويرى المعالجون النفسيون أن الرسم طريقة جيدة للتعبير عن التوتر، وإيجاد الراحة في أثناء الأوقات الصعبة التي يمر بها الطفل. وقد نجح الأطباء، من خلال الفن، في علاج مشكلات عديدة مثل التبول في الفراش، وامتصاص إصبع الإبهام، والتلعثم.

 

تحليل رسومات الأطفال

بالنسبة لعديد من الأطفال، يكون الرسم مبهجًا ليس بسبب المنتج النهائي الذي يؤدي إليه، لكن لأنه يمكنهم العيش بشكل كامل في عالم الرسمة والتماهي معها لبضع دقائق، وهو ما يشير إلى أن رسومات الأطفال ليست مجرد شخبطة، وإنما طريقة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم وأمنياتهم، ووسيلة أيضًا للأمهات لفهم شخصية الأطفال بصورة أعمق.

وإليك عدة عناصر تساعدك على فهم رسوم طفلك:
الانطباع الأول: يمكن أن تكشف النظرة الأولى إلى صورة طفلك في بعض الأحيان عما يشعر به. هل تبدو محبطة أم مزعجة؟ الإجابة عن هذا السؤال ستمنحك أول إشارة إلى أفكار طفلك.
الألوان: يتعرض الأطفال في أثناء نموهم لطائفة واسعة من الخبرات والعواطف، ويشعرون أن كل ما يصادفونه مثير وجديد، ومن هنا تبدأ استجابة الطفل السليم لهذه المعلومات والمدخلات الحسية، فيستخدم مجموعة واسعة من الألوان في رسوماته. كلما زاد عدد الألوان التي يستخدمها طفلك في رسوماته، كان أكثر سعادة وتحمسًا تجاه الحياة.
اكتمال الرسمة: إذا ترك الطفل رسوماته غير مكتملة، أو رسم خطوط مترددة خفيفة، فقد يكون بحاجة إلى التشجيع. غالبًا ما تشير هذه الرسومات إلى أنه متردد وغير آمن. وقد يشير كثير من المحو والتصحيح إلى مستوى عالٍ من القلق لديه، وعلى العكس، فاستخدامه كثيرًا من الزخرفة قد يكون مؤشرًا إلى حاجته إلى الاهتمام.

مراحل تطور رسوم الطفل

تنتقل رسومات طفلك من الخربشة العشوائية إلى رسم ما يراه من حوله، حتى إنه يرسم ما يطلب منه ويعبر  عنه بصورة أكثر واقعية. ويرسم طفلك وفقًا لثلاث مراحل:
مرحلة الخربشة: خربشة عشوائية للخطوط التي ليس لها معنى حقيقي.
مرحلة الرسم دون تخطيط : عندما يحاول الأطفال رسم ما يرونه، بما في ذلك الأشكال البسيطة والأشجار والمنازل، إلخ.
مرحلة الرسم المخطط له: عندما يكون هناك موضوع محدد للرسومات ويطلب من الطفل رسم شيء بعينه، وغالبًا ما تكون رسومات الطفل أكثر واقعية في هذه المرحلة.

يفضل الأطفال في بعض الأحيان أن يرسموا شيئًا ما بطريقة مختلفة عن صورته في الواقع، وربما يكونون قادرين أيضًا على رسم ذلك الشيء بشكل أكثر واقعية، إلا أنهم يفضلون الرسم بصورة غير واقعية، وهو ما يعده الاختصاصيون النفسيون شيئًا طبيعيًا.

أشياء مشتركة في رسوم الأطفال

هناك أفكار لرسوم شائعة بين الأطفال، إليك قائمة بما تعنيه:
الشخبطة: المرحلة الأولى لرسوم الطفل تظهر في الخربشة على الورق، والتي عادة ما تكون غير منطقية. وبرغم أن الشخبطة لا معنى لها عند النظر إليها، فإنها يمكن أن تعطي رؤى ثاقبة عما يشعر به الطفل.

 

شمس مبتسمة: رسم الشمس الكاملة في وسط الصفحة بابتسامة، علامة على طفل سعيد ويشعر بالرضا.
رسم أشخاص العائلة: يمكنك التقاط إشارات بخصوص الحالة العاطفية للطفل، عبر رؤية المكان الذي يضع فيه نفسه في الصورة التي يرسم فيها أسرته، فمثلًا لو رسم نفسه واقفًا بجانب شخص ما في عائلته، فغالبًا هذا الشخص هو الأقرب إليه.

 

كثرة التفاصيل: كلما رسم طفلك مزيدًا من التفاصيل، دل ذلك على تطور إدراكه، فمثلا ستجدينه يضيف نظارة إلى وجه الأب، بينما يرسم والدته بتسريحة شعر.

 

الوحدة: لو رسم الطفل نفسه وحيدًا، فهذا يعني أنه يشعر بالوحدة، أو بافتقاد شخص ما.

 

الوحوش: كثير من قصص الأطفال مليئة بالكائنات المخيفة المظلمة، وهو غالبا ما يكون تفسيرهم الشخصي لقصة قرأوها أو سمعوها، من ناحية أخرى، أشار الطبيب النفسي الدكتور كريستوفر هاستنجز، إلى أن رسم الوحوش يمكن أن يكون دلالة على شعور الطفل بالعجز ورغبته في التكيف مع ذلك.

 

السحب والأمطار: إظهار كثير من الغيوم والمطر في الرسومات قد يشير إلى أن الطفل يشعر بالقلق أو الخوف بشكل خاص، وهو نفس المعنى تقريبًا إذا رسم نفسه واقفًا تحت سحابة.

 

البيوت: تعبر التفاصيل التي يرسمها الطفل عن البيوت عما يشعر به تجاه بيته، ومن ضمن هذه التفاصيل عدد النوافذ، وهل هناك ممر يؤدي إلى المنزل أم لا. فمثلًا، إذا رسم بيتًا بابه مفتوح، دل ذلك على الترحيب، وأن لديه تفاعلات اجتماعية صحية.

 

أشخاص غاضبون: من المرجح أن الأطفال الذين يرسمون أشخاصًا غاضبين، خاصة لو كانوا من أفراد أسرتهم، يعانون من صدمة عاطفية، وفي كثير من الأحيان قد تكون هذه الرسومات نتيجة لتعرضهم -عن غير قصد- لأشياء مشابهة في الأفلام والتليفزيون، أو مقاطع الفيديو على الإنترنت.

 

متى يكون تحليل رسومات الأطفال مهما؟

يرسم الأطفال في بعض الأحيان أشياء مخيفة مثل الأسلحة والنار والأشخاص الغاضبين، ومشاهد القتا، إذا كان هذا هو الاتجاه الشائع الذي يظهر في رسومات طفلك، فلا بدّ من استشارة طبيب نفسي،  خاصة إذا لاحظتِ الآتي:

• صورًا عنيفة بشكل متكرر.
• أجزاء جسم الإنسان مفككة.
• استخدام الكثير من الألوان الداكنة والصور غير السارة.

 

ختامًا، كل ما عليكم منح طفلكم أدوات الإبداع مثل كتاب الرسم والتلوين مع مجموعة من الطباشير الملون أو الألوان المائية أو الخشبية، مع الأخذ في الاعتبار أن تحليل رسومات الأطفال أحيانًا ما يكون مفيدًا كي تتعرفوا إلى طفلكم أكثر، وتعرفوا احتياجاته التي ربما لا يمكنه البوح بها بسهولة.

 

 

المصدر: موقع "سوبر ماما"