من الحُب ما قتل..!!

هذه العلامات تدل أن طفلك أسير حمايتك المفرطة

من قصة الأطفال المعروفة "ليلى والذئب" التى قد تثير تساؤل الأهل في العالم الواقعي: هل أبناؤنا مستعدون لفعلٍ ما فعلته "فتاة الرداء الأحمر" في القصة؟ وهل الطريقة التي نربيهم بها كفيلة بأن يكونوا على قدر المسؤولية في المواقف الصعبة التي قد يمرون بها مثل الطفلة الصغيرة؟
إن آباء اليوم يحيطون أطفالهم برعاية وحماية مفرطة، معتقدين بهذا أنهم يحمونهم من المخاطر الكثيرة والمتنوعة التي يسمعون عنها كل يوم في وسائل الإعلام ويحذر منها الأهل والأصدقاء، لكن هل هذه الرعاية هي حقا ما يحتاج إليه أطفالنا لكي يواجهوا العالم؟

كيف يبدأ الأمر؟

ربما تكون البداية بسيطة وغير مقصودة من بعض الآباء، كأن يقوموا ببعض المهام مثل جلب الطعام للطفل أو ترتيب ملابسه، لأن الأمر يستغرق منهم وقتا أقل بكثير من الوقت الذي قد يستغرقه الطفل. كما أن بعض الآباء لا يعرف من الأساس ما المهام التي يمكن للطفل القيام بها وفقا لعمره، وبعضهم لا يصمد أمام رفض الطفل القيام بمهمة ما، فلا يتصرف بحزم ويرى أنه لا يستطيع مقاومة "وجهه الجميل"، وقد يقوم بعض الآباء بذلك عن عمد بهدف "جعل الطفل أكثر سعادة" وحتى لا يعاني مثلما عانى والداه مثلا.

إفراط في الحماية

- إذا كنت تمنعه من القيام بمهام صغيرة رغم أنه قادر على القيام بها، وهو ما يمنعه من الشعور بالاستقلالية.
- تلبي احتياجاته مهما كانت كثيرة، وتحرص على ألا يشعر بالإحباط رغم أنه شعور ضروري يدفع الطفل لتنمية قدراته.
- حين يواجه مشكلة مع أحد زملائه تتدخل بنفسك للحديث مع الطفل أو والده بدلا من مناقشة الأمر مع طفلك، وبالتالي يزيد اعتماده عليك ويفتقد القدرة على حل المشكلات.

إليك بعض العلامات التي تشير إلى أن طفلك أسير لحمايتك المفرطة

- ينتظر الكبار دائما لحل مشكلته ولا يطوّر وحده حلولا لها
- لا يواجه الشعور بالإحباط مهما كان مصدره بسيطا، فأنت دائما بجانبه لكي لا يتعرض لهذا الشعور.
- لديه مهارات عاطفية أقل، وشعور أقل بالأمان، وهو أكثر عرضة للتنمر وأكثر ميلا للشعور بالحزن.

هذه هي الأخطار التي يواجهها

إن رغبتنا في أن يقضي أطفالنا طفولة سعيدة ومثالية يدفعنا لإحاطتهم بالحماية المفرطة؛ نحجبهم عن كل خطر، لكن المؤسف أن كل هذه الأخطار والمشكلات لن تنتهي، إنها في انتظارهم في مراحل قادمة من عمرهم، وحينها ستكون المشكلات أكبر وسيواجه الطفل -أو المراهق إن كان قد كبر أكثر- مشكلات أخرى تصاحب شعوره بالعجز وعدم الثقة بالنفس.

يعتبر الآباء أن طالما أطفالهم "لا يعانون" فهذا يعني كونهم آباء ناجحين، ولهذا يشعر طفل اليوم أنه مركز البيت ومحور الاهتمام. إن مثل هذا التعامل في الحماية الزائدة من شأنه خلق جيل مدلل وضعيف ومفرط في الاعتمادية وغير قادر على حل مشكلاته. إن إحدى سلبيات هذه الطريقة هي إثقال برنامج الطفل بالعديد من المهارات التي عليه تعلمها ليصبح طفلا مثاليا، يتعلم اللغات والموسيقى والرياضة، بينما قد لا يمكنه في المقابل ترتيب سريره، فضلا عن حرمانه من اللعب بشكل حر.

إن سعينا لكي نكون آباء مثاليين وضع أطفالنا في بوتقة لا ندرك جيدا تأثيرها السلبي عليهم، وإذا ما أخذنا نحلّ للطفل مشكلاته ونقوم بأنفسنا بما يحتاج إليه بدلا من دعمه وتشجيعه على القيام بنفسه بأمور مثل ترتيب ملابسه، وتناول طعامه وغيره، فإننا نغرس فيه منذ الصغر الاعتمادية وعدم تقدير الذات. ولاحقا سيتجنب الطفل مواجهة مشكلاته ولن يكون قادرا على تحمّل عواقب أفعاله، وسيكون عرضة للانجراف نحو أصدقاء السوء.

أسباب مجتمعية

يقول خبراء إن انخراط النساء في عالم العمل أحد أهم الأسباب في هذا التحول الذي طرأ على معاملة الأطفال في أغلب الأُسر، فقد أصبح الآباء يخصصون ساعات أقل للأطفال، وخلالها يجدون صعوبة في قول "لا" ووضع التزامات وحدود. كما يشعرون أن عليهم تعويض الأطفال عن ساعات الغياب بالكثير من التسامح والمزيد من الاستجابة لمطالبهم المادية. من وجهة نظر اجتماعية، فإن القضية أكثر تعقيدا إلى حد ما. وهناك ثلاثة عوامل:

- السبب الأول هو تغير أنماط الأُسر: من حيث العدد وعمر الوالدين بحيث أصبح الطفل أميرا بلا منافس في أسرته.

- السبب الثاني هو انتقالنا بشكل متزايد إلى البيئات الحضرية (مقارنة بالسبعينيات)، "اختفى بالتالي دور المجتمع والجيران في مراقبة سلوك الطفل وأصبح له مطلق الحرية في فعل ما يريد"، في المدينة كل فرد مسؤول عن ذاته ولا يكترث الناس كثيرا بسلوكه أو سلوك أطفاله وهو ما يدفع الآباء لإحاطته بالكثير من الحماية.

- السبب الثالث أن وسائل الإعلام تحيطنا بالكثير جدا من التحذيرات والتوعية بالأمراض والمحاذير الصحية التي تزيد مخاوفنا، ويقول: "إننا نعيش في مجتمع الخوف، الذي يُسرف في حماية أفراده". وكما تشير إيفا ميليت فإن أحد أسباب معاملة الوالدين للأبناء بهذه الطريقة، فضلا عن انخفاض متوسط عدد الأطفال في كل أسرة، أن الوالدين صارا وحدهما -وليس كل العائلة كما كان في الماضي- المسؤولين عن الطفل، وبالتالي لا يمكنهما أحيانا تجنب الشعور بالقلق على مستقبله.

كيف نتعامل مع الطفل؟

لكي لا يواجه الطفل المشكلات المستقبلية التي تسببها الحماية المفرطة علينا أن نولي اهتماما كبيرا بأن يقوم بنفسه ببعض الأمور، مثل إعداد مائدة الطعام أو ترتيب سريره، وأن ندعه يحاول فيها أكثر من مرة وألا نتدخل مباشرة بمجرد طلبه للمساعدة، كما أن علينا أيضا أن نعوّد الطفل على الشعور بالحرمان أحيانا وألا يتبرّم حين ينقصه أمر ما.

يجب ألا يغيب عن بالنا أن النمو هو عملية إدارة المخاوف واتخاذ القرارات، وأن قضاء الطفل لبعض الوقت الحر في الاستكشاف أو غيره يدعم قدراته، وبالتالي ليس علينا عزل الطفل عن جميع المخاطر وإخضاعه للإشراف المستمر ووضع برنامج لكل دقيقة من حياته ودعمه أكثر من اللازم في محيطه الاجتماعي وعدم تحميله أي مسؤوليات. فنحن لن نكون بجانب أطفالنا دائما، وعلينا بالتالي أن نوفر لهم الأدوات التي يمكنهم بها حماية أنفسهم.

سيكون علينا أن نبقى دائما بجانب الطفل لحمايته بالطبع من الأخطار، لكن ليس كل الأخطار لكي لا يكون ضعيفا وخائفا، إن الطفل بحاجة إلى أن يشعر بإنجازاته وقدراته لكي يطورها، ويواجه المنافسة ويفوز فيها، والفشل ويتغلب عليه، ويكتسب الثقة بالذات، فهذا هو واقع الحياة الذي سيكون على الطفل مهما حاولنا حمايته أن يواجهه يوما.


المصدر: الجزيرة نت

مواضيع مرتبطة

دورة تعليمية في اللغة الفارسية للأطفال..انضموا إليها

تهدف إلى إياد فرص نادرة للأطفال لتعلّم لغة أخرى؛ إضافة إلى لغتهم الأمّ.

كيف تجعلين طفلك يحبّ شهر رمضان ويرغب بالصوم؟

الطفل يحبّ كل ما هو جميل ومدهش، خصوصًا عندما يتغيّر الروتين اليومي للعائلة.

عادات لا تنقليها إلى أطفالك في شهر رمضان المبارك

يفرح الأطفال بشهر رمضان المبارك فرحة كبيرة، بسبب تغيير روتينهم اليومي ومشاركتهم أهلهم الإفطار وحتى محاولة الصيام مثلهم..

كلمات مفتاحية

إرشادات_اجتماعية