في عالم اليوم تشير تقارير نفسية تربوية حديثة إلى أن الأطفال تحت سن الثامنة يقضون في المتوسط أكثر من ثلاث ساعات يوميًا أمام الشاشات، أي ما يعادل تقريبًا نصف وقت استيقاظهم، هذه الحقيقة الصادمة تُثير القلق، خاصة أن الإفراط في وقت الشاشة المبكر قد يرتبط بتأخر في المهارات اللغوية والاجتماعية للأطفال.
في هذا السياق؛ تبرز أهمية الألعاب غير الإلكترونية، تلك الألعاب البسيطة الحرة التي اعتدنا عليها - نحن الآباء- في طفولتنا: المكعبات، الدمى، الكرة، وألعاب التخيل، لكنها في الحقيقة ليست مجرد وسيلة للتسلية، بل أداة أساسية لنمو الطفل المتوازن.
اللقاء والدكتورة ميساء الإتربي أستاذة طب نفس الطفل تتحدث عن؛ الفرق بين حياة الطفل مع الألعاب الإلكترونية وحياته مع الألعاب الحرة، وتأثيرها على النمو الجسمي والنفسي والعقلي والاجتماعي على الطفل من 1-8 سنوات.
حياة الطفل مع الألعاب غير الإلكترونية
قد يبدو التلفزيون أو الجهاز اللوحي حلًا سريعًا لإلهاء الطفل، لكنه على المدى الطويل يسرق منه لحظات لا تُعوّض من النمو والتطور، بينما تمنح الألعاب الحرة غير الإلكترونية للطفل ما يحتاجه حقًا، فهي فرصة ليتواصل، ويتحرك، ويبدع، ويستمتع بطفولته كما يجب أن تكون، وللأمهات أقول: الاستثمار في هذه الألعاب يعني تربية أطفال أصحاء ومتوازنين، بل يعني أيضًا مشاركة لحظات دافئة وذكريات لا تُنسى، اللعب ليس مجرد وقت فراغ، بل هو لغة الطفولة ومن خلالها يبني الطفل عالمه، ويخطو أولى خطواته نحو مستقبل أفضل.
باللعب الحر يتفاعل الطفل اجتماعيًا وينمو لغويًا
الألعاب غير الإلكترونية توفر فرصة ذهبية للطفل للتواصل المباشر مع الآخرين، حين تجلس الأم مع طفلها؛ لتلعب لعبة المطعم أو الطبيب والمريض، فهي تخلق لحظة ممتعة، وتساعده على تطوير المهارات اللغوية والاجتماعية لطفلها.
من خلال الحوار والتقمص والخيال، يتعلم الطفل مفردات جديدة، ويكتشف كيفية التفاوض، ويجرب التعبير عن مشاعره وأفكاره، هذا النوع من الألعاب يشجع على بناء الثقة بالنفس، ويعزز قدرة الطفل على التعبير الواضح. في المقابل، الاعتماد على الشاشات يجعل التواصل أحادي الاتجاه؛ حيث يتلقى الطفل المعلومات من دون تفاعل حقيقي، ما قد يؤثر سلبًا على مهاراته في الحوار والإنصات.
اللعب- غير الإلكتروني- يُحفز القدرات الحركية فيُجرب الجسد ويتعلم
الحركة جزء لا يتجزأ من نمو الطفل، والألعاب التقليدية تمنح جسده فرصة للاستكشاف والتجريب، عندما يستخدم الطفل يديه لتركيب مكعبات أو ترتيب قطع البازل، فهو يدرب عضلاته الدقيقة المسؤولة عن الكتابة والرسم لاحقًا.، وعندما يجري، يقفز، أو يركض خلف الكرة، فإنه يطوّر مهاراته الحركية الكبرى مثل التوازن والتنسيق. بينما تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يعتمدون على الأجهزة اللوحية لفترات طويلة، غالبًا ما يُظهرون ضعفًا في هذه القدرات، مقارنة بمن يشاركون بانتظام في ألعاب حركية حرة، وبكلمات أخرى، كل لحظة يقضيها الطفل في اللعب البدني تعادل استثمارًا مباشرًا في صحته البدنية المستقبلية.
مع اللعب الحر ينمو الإدراك والتفكير النقدي
اللعب ليس ترفًا بل أساس يدعم تطور الدماغ؛ فالألعاب التي تعتمد على التركيب والبناء، مثل الليغو أو المكعبات الخشبية، تفتح أمام الطفل مساحة للتجريب، حل المشكلات، والابتكار. من خلال هذه التجارب، يكتسب الطفل مهارات التفكير المنطقي والتخطيط واتخاذ القرار، حتى الأخطاء تصبح وسيلة للتعلم؛ حيث يكتشف بنفسه ماذا يعمل وما لا يعمل.
على سبيل المثال، حين يحاول بناء برج عالٍ من المكعبات ويسقط، يتعلم درسًا عمليًا في التوازن والهندسة أكثر من أي درس نظري يُحفز الخيال ويمنح الطفل (free play)، كما أن اللعب الحر غير الموجّه يتيح حرية طرح الأسئلة واستكشاف الإجابات.
تشير دراسات إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا كافيًا في اللعب غير الموجه، يتمتعون بقدرة على التركيز أطول بنسبة تصل إلى 37% مقارنة بغيرهم. في المقابل، الإفراط في استخدام الأجهزة قد يؤدي إلى زيادة القلق واضطراب النوم وحتى الميل للعزلة، وهنا يظهر بوضوح أن "اللعب التقليدي" ليس مجرد تسلية، بل هو خط دفاع أساسي لصحة الطفل النفسية.
اللعب الحر يجمع العائلة ويقوّي الروابط الأسرية
اللعب مع الأم أو الأب يخلق لحظات دافئة تبقى في ذاكرة الطفل مدى الحياة، حين يشارك الأهل أطفالهم في لعبة غميضة، أو يرافقونهم في نزهة لاستكشاف الطبيعة، فإنهم لا يعززون مهاراتهم الجسدية فقط، بل يقوون الروابط العاطفية بينهم.
كما أن الألعاب غير الإلكترونية غالبًا ما تكون أكثر أمانًا من البدائل الرقمية؛ حيث تقلل من خطر التعرض لمحتوى غير ملائم أو مشكلات الإدمان الرقمي. كما أثبتت الدراسات أن اللعب في الهواء الطلق يطوِّر التوازن الجسدي والانتباه، ويمنح الطفل قدرة طبيعية على تقييم المخاطر واتخاذ قرارات آمنة.
كيف تختار الأم اللعبة المثالية لطفلها؟
عند التفكير في الألعاب، ليس المطلوب إنفاق أموال طائلة، بل يكفي التركيز على:
موقع سيدتي - خيرية هنداوي
الطفل يقلق من المجهول: الخوف من بيئة جديدة ومدرّسين وزملاء جدد.
لماذا عليَّ أن أخصص وقتًا للتواصل مع أطفالي بعد عودتهم من المدرسة؟
خلصت الدراسة إلى أن أثر الذكاء الصناعي في التعليم ليس إيجابيًا أو سلبيًا بشكل مطلق.
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال