يشهد العالم توسعًا لافتًا في استخدام أدوات الذكاء الصناعي، وفي مقدمتها نماذج اللغة العميقة مثل "شات جي بي تي" وغيرها التي غزت مقاعد الدراسة بين طلاب المدارس والجامعات على حدّ سواء، فالطلاب باتوا يستعينون بهذه النماذج في شرح الدروس وتلخيصها، أو الإجابة عن الأسئلة الصعبة، لتتحول إلى ما يشبه "المعلم الذكي" المصاحب لهم في مختلف المراحل التعليمية.
لكن هذا الانتشار الواسع أثار تساؤلات حول مدى تأثير الذكاء الصناعي في العملية التعليمية: هل يسهم فعلًا في تطوير مهارات الطلاب، أم أنه يضعف قدراتهم على التفكير الذاتي والاستقلالية؟
في محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى باحثون من المعهد الأسترالي للتعلم الآلي بجامعة أديلايد، بالتعاون مع جامعة جنوب أستراليا ومركز “داتا 61” التابع لمنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية، دراسة موسّعة عن أثر الذكاء الصناعي في التعليم.
منهجية الدراسة ومعاييرها
اعتمد الباحثون في دراستهم على منهجية جيرت بيبستا التعليمية لقياس أثر استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، استنادًا إلى ثلاثة معايير رئيسة:
شمل التحليل أكثر من 133 دراسة وتجربة علمية أُجريت بين عامَي 2022 و2025، امتدت من التعليم العالي حتى رياض الأطفال، واستخدمت في 87% منها أداة "شات جي بي تي" كنموذج تطبيقي.
نتائج: تحسّن في الكفاءة.. وتفاوت في الاستقلالية
أظهرت النتائج أن استخدام الذكاء الصناعي أسهم في رفع كفاءة التعليم بشكل ملحوظ، حيث سجّل الطلاب الذين استخدموا هذه الأدوات معدلات تحصيل أعلى، خصوصًا عندما تم توجيههم لاستخدامها ضمن إطار تربوي واضح.
كما بيّنت الدراسة أن الذكاء الصناعي ساعد في تعزيز التواصل الاجتماعي بين الطلاب، إذ شجّعهم على التعاون ومناقشة الأفكار والنتائج التي تنتجها هذه النماذج.
أما على مستوى تنمية القدرات الذاتية، فقد كان الأثر إيجابيًا ولكن محدودًا، إذ إن اعتماد الطلاب المفرط على الأداة في توليد الإجابات يقلّل من فرصهم في ممارسة التفكير النقدي واتخاذ القرارات بأنفسهم.
أثر الذكاء الصناعي بين الإيجابية والحياد
خلصت الدراسة إلى أن أثر الذكاء الصناعي في التعليم ليس إيجابيًا أو سلبيًا بشكل مطلق، بل يعتمد على طريقة الاستخدام.
فعندما يُستخدم كوسيلة تعليمية مساعدة، يُسهم في تعزيز الفهم وتنمية المهارات. أما إذا تم الاعتماد عليه كبديل عن الجهد الذاتي والتفكير المستقل، فإنه يتحوّل إلى أداة تُضعف الإبداع والمسؤولية الفردية لدى الطلاب.
يؤكد الباحثون أن توفير الدعم والتوجيه التربوي بات ضرورة لضمان الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات، وأن الطلاب الأكثر دراية بالتكنولوجيا يستفيدون من الذكاء الصناعي بصورة أعمق من غيرهم، بغضّ النظر عن مستواهم الأكاديمي.
لماذا عليَّ أن أخصص وقتًا للتواصل مع أطفالي بعد عودتهم من المدرسة؟
أرى، في كل صباح، ابني يقاوم التعب منذ اللحظة التي يضع فيها الحقيبة على ظهره
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال