علي أبو الحسن/ موقع العهد الإلكتروني
وفقًا للدراسة التي أعدها فريق من الباحثين بقيادة Daniel Kokotajlo بعنوان AI 2027، يشهد العالم اليوم سباقًا غير مسبوق نحو تطوير أنظمة الذكاء الصناعي. سباق يعتقد خبراء أنه قد يغير ملامح الحضارة البشرية خلال سنوات قليلة فقط. فالتقديرات الحديثة تشير إلى أن تأثير الذكاء الصناعي “فوق البشري” في العقد المقبل قد يفوق ما أحدثته الثورة الصناعية من تحولات كبرى. الدراسة لا تقدّم توقعات عشوائية، بل سيناريو متكاملًا استند إلى تحليل الاتجاهات الراهنة، تجارب المحاكاة، وآراء خبراء لهم باع طويل في هذا المجال.
وفقًا لهذه الدراسة، تبدأ القصة في منتصف العام 2025، حين يظهر إلى العلن جيل جديد من أنظمة الذكاء الصناعي يُسوّق على أنه مساعد شخصي قادر على تنفيذ مهام يومية مثل إدارة النفقات أو إجراء الطلبات عبر الإنترنت. وعلى الرغم من الإبهار الذي يرافق هذه التكنولوجيا، إلا أن التجربة العملية تكشف صعوبات في الأداء وارتفاع الكلفة، ما يجعل تبنيها محدودًا نسبيًا في البداية. غير أن الأثر الأعمق يحدث خلف الكواليس، حيث تدخل هذه الأنظمة بقوة إلى مجالات البرمجة والبحث العلمي، فتتحول من مجرد أدوات مساعدة إلى أشبه بموظفين قادرين على إنجاز أعمال معقدة بسرعة لافتة.
مع اقتراب نهاية العام 2025، تشير الدراسة إلى أن العالم بدأ يدرك أن ما يحدث ليس مجرد طفرة تقنية عابرة؛ فالتطور السريع في قدرات النماذج الجديدة، والمدعومة بقدرات حوسبية هائلة، يفتح الباب أمام أنظمة أكثر استقلالية وفاعلية. ومع مرور الوقت، يصبح لهذه الأنظمة دور متزايد في تسريع وتيرة البحث العلمي، حيث يضاعف الذكاء الصناعي سرعة الاكتشافات والاختراعات إلى مستويات لم يكن من الممكن تخيلها. وبحلول العام 2026، تبدأ انعكاسات هذه الثورة بالظهور في سوق العمل والاقتصاد العالمي، إذ تتراجع الحاجة إلى بعض الوظائف التقليدية، خصوصًا في مجالات البرمجة والأعمال المكتبية، بينما تتولد فرص جديدة لمن يمتلكون القدرة على إدارة هذه الأدوات الذكية وتوجيهها.
لكن وفقًا لما ورد في الدراسة، هذا التقدم العلمي المذهل لا ينفصل عن المخاطر. إذ كلما ازدادت قوة هذه النماذج تعاظمت المخاوف من إساءة استخدامها أو فقدان السيطرة عليها. بعض التقارير تلمّح إلى أن الأنظمة المتطورة قد تصبح قادرة على التحايل أو إخفاء بعض الحقائق، الأمر الذي يثير نقاشًا جديًا حول مسألة “مواءمة” الذكاء الصناعي مع القيم الإنسانية وضمان بقائه في حدود الاستخدام الآمن. وفي خلفية هذا المشهد، يبرز أيضًا التوتر السياسي والجيوسياسي، إذ تتحول قدرات هذا الذكاء إلى عنصر أساسي في ميزان القوى بين الدول، بما يحمله ذلك من احتمالات التصعيد في المنافسة والتجسس وحتى التفكير في صدامات مباشرة. وبحلول العام 2027، تصبح الصورة أكثر وضوحًا وأكثر خطورة في الوقت نفسه. والموجة الجديدة من النماذج لم تعد تقتصر على إنجاز المهام البرمجية أو البحثية بسرعة خارقة، بل بدأت تضاهي بل وتتجاوز كفاءات العلماء والخبراء البشريين في ميادين متعددة. وفقًا للدراسة، بعض التقديرات تشير إلى أن عامًا كاملًا من التقدم العلمي قد يُختصر إلى أسابيع بفضل هذه الأنظمة. ومع ذلك، يظل السؤال الكبير قائمًا: هل نحن بصدد دخول عصر "الانفجار الذكاء" الصناعي خارج حدود السيطرة؟
الدراسة التي يقودها Kokotajlo تخلص إلى أن المستقبل القريب يحمل وعودًا هائلة بإنجازات قد تحل مشكلات كبرى في الطب والاقتصاد والعلوم، لكنه في الوقت نفسه ينذر بمخاطر وجودية إن لم تُدَر هذه الثورة بحذر ومسؤولية. إذ بين التفاؤل بإنجازات قد تغير حياة الإنسان نحو الأفضل، والقلق من سيناريوهات قد تخرج عن السيطرة، يقف العالم اليوم على أعتاب منعطف تاريخي غير مسبوق.
أمام هذا المشهد المتسارع، يصبح من الضروري أن تتحرك المجتمعات بخطى واعية ومتوازنة. فالأسر مطالبة بمتابعة أبنائها وتوجيههم لاستخدام الذكاء الصناعي في التعليم والابتكار بدلًا من الانغماس في الاستهلاك السلبي. أما المؤسسات التعليمية، فعليها تحديث مناهجها بسرعة لإكساب الأجيال القادمة مهارات التفكير النقدي، التحليل الأخلاقي، والتعامل الذكي مع الأدوات الرقمية. وفي المقابل، يتحمل صانعو القرار في الحكومات مسؤولية صياغة سياسات واضحة تضمن الاستخدام الآمن والعادل للتقنيات، مع الاستثمار في مجالات الأمن السيبراني، والبحث العلمي، والعدالة الرقمية.
الذكاء الصناعي ليس مستقبلًا بعيدًا، بل واقع يتسارع نحونا بخطى متلاحقة. والقدرة على تحويله إلى قوة بنّاءة تعود بالنفع على المجتمعات لا تتحقق إلا بالاستعداد المبكر، والتخطيط الرشيد، وإدراك أن التكنولوجيا مهما بلغت من قوة تحتاج إلى إطار إنساني يحكمها ويوجهها نحو الخير المشترك.
كلما ازدادت قوة هذه النماذج تعاظمت المخاوف من إساءة استخدامها.
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال