التنمّر الإلكتروني خطر صامت يهدد المراهقين... يؤذي العقل والنفس، وقد يقود إلى الانتحار. كيف نواجهه وما سبل الحماية؟
تغريد الزناتي/ جريدة الأخبار
في زمنٍ تنتقل فيه الكلمات والرسائل بسرعة البرق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يتحوّل التنمّر الإلكتروني إلى سلاحٍ فتّاك ينتهك الخصوصية ويقوّض السلامة النفسية. من خلف الشاشات، يمارس المتنمّرون عدوانهم، فيما تُترك الضحايا في مواجهة مشاعر القهر والعزلة والضيق، وقد تنتهي المأساة بانتحارها. روزالي أفيلا (13 عامًا)، وأنام تانولي (26 عامًا)، وجايدن بيل (16 عامًا)، وميغان ماير (14 عامًا)، جميعهم أنهوا حياتهم بعد تعرّضهم للتنمّر الإلكتروني.
ما هو التنمّر الإلكتروني؟
تُعرّف منظمة «اليونيسف» التنمّر الإلكتروني بأنّه سلوك متكرّر ومتعمّد عبر الإنترنت يهدف إلى الإذلال والترهيب. يتخذ هذا السلوك أشكالًا عدّة، منها: إرسال رسائل مسيئة، نشر صور محرجة، انتحال الهوية، أو استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للتحرّش.
تأثير التنمّر الإلكتروني في الضحايا
يؤثر هذا النوع من التنمّر على الضحية على مستويات عدّة:
-ذهنيًا: يولّد شعورًا بالضيق والإحراج والخوف والتوتر.
-عاطفيًا: يخلق شعورًا بالعار، ويدفع إلى النفور والتخلّي عن الاهتمامات والهوايات.
-جسديًا: يُشعر الضحية بالتعب، ويتسبب في أعراض فيزيولوجية مثل أوجاع المعدة والصداع.
ترافق التنمّر الإلكتروني مشاعر الغضب، والتوتر، والعار، وانعدام الشعور بالأمان، ما قد يؤدي إلى انسحاب الضحية من العلاقات الاجتماعية والتخلّي عن الأصدقاء، بالإضافة إلى تطوّر أفكار سلبية مثل «جلد الذات»، والشعور بالذنب، والخوف من الأحكام المسبقة عند مواجهة الآخرين.
تشير الإحصاءات إلى أنّ واحدًا من كلّ ثلاثة مراهقين حول العالم تعرّض لنوع من التنمّر الإلكتروني، وغالبًا ما يختار الضحايا الصمت، خشية الإحراج أو الخوف من العواقب.
وبحسب الاختصاصية النفسية للأطفال والمراهقين، إليانا نجّار، يترك التنمّر الإلكتروني أثرًا عميقًا في نفوس الضحايا، خصوصًا في ظلّ الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، حيث تُعدّ منصات مثل إنستغرام وتيك توك وفايسبوك من أبرز ساحات هذا النوع من الإساءة.
1 من كل 3 مراهقين حول العالم تعرّض للتنمّر الإلكتروني.
الفئات الأكثر تعرّضًا للتنمّر وطرق المواجهة
توضح نجّار أنّ الفئة العمرية بين 12 و18 عامًا هي الأكثر عرضة لهذا الخطر، لا سيما الفتيات، والأشخاص المختلفين في الشكل، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو الخلفيات الثقافية المختلفة.
وفي هذا الإطار، تؤكّد أهمية الوقاية، بدءًا من ضبط إعدادات الخصوصية، مرورًا بعدم مشاركة المعلومات الشخصية (مثل عنوان المنزل، المدرسة، رقم الهاتف، أو تفاصيل عائلية)، وصولًا إلى توثيق الاعتداءات والتبليغ عنها للجهات المختصة، مثل مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية (01/293293). كما تشدّد على ضرورة التحدّث مع شخص موثوق، والانخراط في أنشطة إيجابية تخفف الأثر النفسي.
دور المتخصصين في العلاج والدعم
يبرز دور المتخصصين في العلاج السلوكي، بالإضافة إلى دور المدرسة والشرطة الإلكترونية في خلق بيئة آمنة وداعمة. ومن بين الجهات القادرة على تقديم الدعم:
*الاختصاصيون النفسيون: يساعدون في جلسات العلاج السلوكي على استعادة التوازن النفسي، واحتضان المشاعر، وتعلّم مهارات التأقلم، واستعادة الثقة بالنفس.
*الطاقم المدرسي: يُسهم المرشدون في المدارس في خلق بيئة آمنة، تدعم الضحايا وتمنعها من الانسياق نحو العزلة.
*الشرطة الإلكترونية: تتدخّل في الحالات الأخطر لحماية حقوق الضحايا، وملاحقة المتنمّرين قانونيًا.
*حملات التوعية: تنفذ مؤسسات المجتمع المدني حملات توعية ومبادرات تهدف إلى تمكين الفتيات وتثقيف الأسر والمجتمع.
*خطوط المساعدة: توفّر خطوط المساعدة دعمًا نفسيًا فوريًا ومجانيًا، مثل «خط الحياة 1564» الذي يُسهم في الوقاية من حوادث الانتحار.
تدعو منظمة «اليونيسف» إلى التبليغ عن هذا النوع من الإيذاء، وتشجّع على عدم الخجل من طلب المساعدة، مشددة على أهمية الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، من أجل بناء جيل قوي قادر على مواجهة الإساءة الإلكترونية بثقة وصلابة.
جريدة الأخبار
بنت الشركة أدوات جديدة بدورها تحمي الأطفال من التعرض لأي محتوى غير مناسب.
ما تزال الاتهامات تلاحق شركة "ميتا" لدورها في توسيع دائرة استغلال الأطفال جنسيًا وإعلاميًا
عصابة رقميّة تحترف الاعتداء على القصّر في لبنان
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال