مخترعات جهاز ذكي للمكفوفين: مشروع يُترجم القيم الإنسانية

مخترعات جهاز ذكي للمكفوفين: مشروع يُترجم القيم الإنسانية

هذا المشروع بشكله الحالي قادر إلى حد كبير في مساعدة المكفوف في تعلّم لغة الـ brain

 

أجرى اللقاء : ياسمين مطصفى الطّحان

تتجلّى أسمى صور الإبداع حين يقترن العلم بالرحمة وخدمة الإنسانية بنيّة التقرّب إلى الله سبحانه، وهذا تمامًا ما قدمه طلاب من ثانوية المهدي (ع)– شاهد، والذين فازوا بالمرتبة الأولى في بطولة "ARC"الروبوتات في نسختها العاشرة التي نظمتها "جمعية كلمات"، تحت شعار "الروبوت والذكاء الإصطناعي في معالجة آثار الحرب".

أقيمت المسابقة في حرم الجامعة اللبنانية، وشارك فيها 134 فريقًا من جميع أنحاء لبنان،. والبطولة السنوية للروبوت (ARC) هي حدث علمي وتكنولوجي يُنظَّم منذ العام 2015، وتشرف عليه لجنة تنظيمية تضم ممثلين عن: الجامعة اللبنانية، بلدية حارة حريك، تجمّع المعلمين في لبنان (منطقة بيروت)، جمعية كلمات. وتُقام البطولة برعاية وزارة التربية والتعليم العالي، وتتضمن سبع منافسات في علوم الروبوت، تمتد من مرحلة الروضات إلى المرحلة الجامعية وتشارك فيها مدارس وجامعات وأندية ومراكز تدريبية.

في دورة هذا العام، والتي جرت منذ أسبوعين، فاز فريق من طلاب مدرسة المهدي (ع) شاهد، في ابتكارهم جهازًا ذكيًا يساعد المكفوفين في قراءة النصوص الإلكترونية.  وهو مشروع يُترجم القيم الإنسانية والتقنية في آنٍ. التقى موقع "أمان الأطفال" مع هؤلاء الطالبات المبتكرات، وكان لنا معهن هذا الحوار.

 

دافع الابتكار

يقول المدرّب الأستاذ محمد باقر سلامة، في نادي الروبوتات لفريق الفتيات، إن المشرفين على المسابقة اختاروا شعار المسابقة لهذا العام "الروبوت والذكاء الاصطناعي في معالجة آثار الحرب". العنوان كان محفزًا لفكرة الاختراع، والتي أتت نتيجة عصف أفكار بين أعضاء الفريق واجتماعات أجريت من بعد. لقد بحث الفريق عن فكرة مميزة تخدم جرحى الحرب، وتصبح أداة يستخدمونها يوميًا؛ فكان التركيز على فكرة اختراع تخدم بالتحديد المكفوفين، في مجال عدم حرمانه من الحصول على المعرفة، تمكّنه من القراءة، وخاصة أن الكتب الورقية أستبدلت اليوم "بالـــــpdf , E book" وغيرها. "لذلك اخترنا العمل على اختراع يقرأ النصوص الإلكترونية".

 

 

تكمل الطالبة فاطمة عودة، وهي عضو من الفريق: "إنّ بعض جرحى البيجر قدموا أعينهم على طريق الكرامة والإنسانية؛ لذلك شعرنا بواجب تقديم ما يمكن أن يساعدهم؛ اختراع مفيد لأكبر عدد منهم، لنردّ لهم بعضًا من الجميل، بجهاز يخفّف عنهم صعوبات الحياة اليومية بعدما فقدوا بصرهم".

 تحديات إنجاز الاختراع

أفادنا الأستاذ "سلامة" أن الإنجاز كان في وقت قياسي: "لقد كان الوقت عامل ضغط  أساسي على الفريق؛ فكما هو معلوم المدارس تأخرت عدة أشهر عن موعدها الاعتيادي لفتح أبوابها، هذا العام،  بسبب الحرب مع الكيان الصهيوني، والتي أثرت سلبيا، نفسيا وجسديا في الجميع، ومنهم نحن" . والوقت الذي توفر لهم لم يتخطّ ستة أسابيع.  

خصائص الاختراع

إحدى أعضاء الفريق الطالبة فاطمة عقل؛ شرحت أن الاختراع هو أداة يحوّل النص الإلكتروني إلىBrain letters ؛ وهي اللغة المعتمدة عند المكفوفين، ويعرضها على سطح منraised dots  حتى يتلمّسها المكفوف ويقرأ من خلالها النص.

 

 

خطة تطوير الاختراع في المستقبل

شرح مدرّب الفريق أهميّة الاختراع وفعاليته؛ إلّا أنّه يعدّ نواة يمكن أن تتطور مع إضافة بعض أدوات الذكاء الصناعي؛ ومنها تحويل النصوص إلى كلام مسموع، وبالعكس. وانطلاقًا من عبارة شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب "وما كان لله ينمو"؛ تؤكد الطالبة جنان الموسوي أنهم في الفريق سيعملون على تطوير الجهاز بإضافةvoice recognition ؛ فمن خلالها يستطيع الجريح المكفوف التواصل مع محيطه براحة أكثر؛ فتحوّل الرسائل الصوتية إلى نص يعرض على الجهاز ليقرأها.

تسويق الاختراع

يؤكد المدرّب "سلامة" أن الفكرة واردة بقوة؛ فقد أفاد أحد المعنيين في مؤسسة الجرحى أن هذا المشروع بشكله الحالي قادر إلى حد كبير في مساعدة المكفوف في تعلّم لغة الـــbrain ؛ خاصة في بداية استخدام الاختراع.

ميزات الفريق العلمية

يشعر مدرّب الفريق محمد باقر سلامة بالفخر بفريقه من الطالبات. إذ هذا المشروع ليس الأول لهن؛ فقد شاركن في مشاريع علمية عدة في السنة الماضية، ونال الفريق المرتبة الثانية في مسابقة" ARC 9" والمركز الأول في فئة مشاريع المرحلة الثانوية في مباراة "علوم التكنولوجية  MC2 " لطلاب مدارس المهدي (ع). كما أكد "سلامة" أن روح الفريق العالية وتحمّل المسؤولية والقدرة على الابتكار هي سمات تميّزت بها الطالبات المشاركات، بالاضافة إلى جهدهن وسعيهن لإتمام المشروع بأحسن ما يكون؛ على الرغم من الصعوبات، كان السبب الرئيسي للفوز.

كما أشاد "سلامة" باجتهاد الطالبات، وحبّهن للعطاء؛ فقد كان المحفز الأساسي لهن، وهذا ما يميّزهن فريقًا مبتكرًا. هذا إلى جانب حماسهن للمشاركة في هذه المنافسات العلمية وتنفيذ أفكار مبتكرة وجديدة، في المجالات العلمية والروبوتات. ويلفت "سلامة" إلى عامل مهمّ وأساسي في نجاح المشروع، وهو الالتزام بالوقت.

 

توزيع الأدوار داخل الفريق

أوضحت الطالبة لارا زعيتر أن الأدوار توزعت بحسب الخبرات التي تمتلكها كل طالبة في الفريق، فلها المهمة التي تبرع فيها. وتوزعت الأدوار في:  معرفة فعالية الأدوات معًا، كيفية تركيب الأدوات، اختيار الأدوات المناسبة وغيرها من المهام. والجدير ذكره أنهن بقين على تواصل دائم ومباشر مع بعضهن البعض، ومع المدرب حتى الانتهاء من اللمسات الأخيرة ليصبح الاختراع جاهزًا للعرض.

تأثيرات الانشغال بالمسابقة في المستوى الدراسي

"لقد كان هذا التحدي الأكبر"؛ تقول الطالبات. إن العمل المتواصل للمشاركة في المباراة والاهتمام بالدروس اليومية، في الوقت نفسه، لم يكن سهلاً أبدًا. لقد تتطّلب منهن مجهودًا كبيرًا كي ينظّمن وقتهن. كما وأكد "سلامة" أن أوقات العمل في النادي تنسق مع المعلمات والناظرات كي لا يتأثر مستوى الطالبات الدراسي. وأشار إلى أن العمل في النادي يبقى نشاطًا ثانويًا؛ ولذلك الدراسة والمتابعة الأكادمية في الصف هي الأهم.

المهارات المكتسبة في هذه المشاركة

"لقد كانت هذه المسألة هي الأكثر بروزًا، خلال العمل على إنجاز المشروع"؛ هذه كانت نقطة اتفاق بين الطالبات أعضاء الفريق الفائز. كل واحدة منهن راحت تعدد ما تعلّمته واكتتسبته. "فاطمة عقل" قالت إنها اكتسبت مهارة البرمجة وكيفية استخدام لغة الكومبيوتر. اكتسبت "حنين بلوط" القدرة على التفكير خارج الصندوق، "لارا زعيتر" اكتسبت مهاراة العمل مع فريق على مشروع واحد يؤمنون به. و"فاطمة عودة" تعلّمت تركيب القطع مع بعضها البعض لخلق أداة جديدة، بينما أضافت "جنان الموسوي" أن مهاراتها في مجال البرمجة تطورت كثيرًا عن قبل، واكتسبت مهارة العمل ضمن العمل الجماعي.

لحظة إعلان الفوز

أعربت "حنين بلوط" عن مشاعرهن في تلك اللحظة؛ "لقد كانت مختلطة بين الحماس والفخر، خاصةً بعد الفوز السنة الماضية بالمرتبة الثانية في مباراة الــــ ARC 9؛ ما زاد من طموحنا في إمكان الفوز بالمرتبة الأولى في السنة المقبلة إن شاء الله" .وأضافت: "السبب الرئيس في الفوز هو التوفيق من الله- عزّ وجلّ- ورعايته لنا؛ لأنّ الاختراع صُمّم ليخدم جرحى الحرب، ويساعد من هم أقرب الى الله".

كعادتها في كل عام؛ أقامت ثانوية المهدي (ع) - شاهد معرضًا لــــ"نتاجات العام الدراسي 2024-2025"، والذي تنظمه المؤسسات الإسلامية من وحي مناسبة عيد المقاومة والتحرير، في 25 أيار، لجميع المدارس الإسلامية التي شاركت في مشاريع علمية؛ وهي: "مدارس المصطفى ،مؤسسة أمل التربوية، مدارس المبرات، مدارس المهدي (ع). كما تضمن المعرض احتفالًا تكريميًا للرابحين.

 

 

مواضيع مرتبطة

تطبيقات ذكية لتعزيز القراءة في 2025

لماذا نحتاج إلى أدوات تتبّع القراءة؟

هل أصبح البشر متعلقين عاطفيًا بالذكاء الصناعي؟

نتائج هذه الدراسة لا تعني أنّ البشر يكوّنون حاليًا تعلّقًا عاطفيًا بالذكاء الصناعي.. إذًا ماذا يحدث؟

آبل تعزّز دعم اللغة العربية بميزات جديدة

تعمل الشركة، في تطوير لوحة مفاتيح ثنائية أكثر تطورًا تتيح التنقل السلس بين اللغتين العربية والإنجليزية.