تمتلك روبوتات الذكاء الصناعي الموجهة لعامة الناس مثل "شات جي بي تي" و"جيميناي" و "كوبايلوت" إمكانيات كبيرة يمكن استخدامها في الخير والشر، فمثلا يمكن أن تساعد الأطباء في تشخيص الأمراض بدقة أكبر، وتوفر للناس إمكانية الوصول إلى خبرات أكاديمية ومهنية بسهولة.
في المقابل؛ يمكن أن يستخدمها الكثير من الهاكرز لاستهداف الأشخاص والشركات بفعالية أكبر وبتكلفة أقل من أي وقت مضى، وقد تكون واثقا من قدرتك على اكتشاف الهجمات الخبيثة، ولكن تتفاجأ بأساليب جديدة تبدو وكأنها قادمة من الخيال.
كيف يستخدم الهاكرز الذكاء الصناعي لاختيار ضحاياهم؟
يعتمد الهاكرز على سرقة حسابات وسائل التواصل لخداع الناس، وأحيانا يقومون بإنشاء حسابات مزيفة تشبه حسابات حقيقية أو يخترقون حسابات حقيقية بهدف كسب ثقة الضحايا واستغلالها. ويمكن لروبوتات الذكاء الصناعي اليوم مساعدة هؤلاء القراصنة في جمع الصور والمعلومات من حسابات التواصل مثل السيرة الذاتية والمنشورات والصور لإنشاء حسابات مزيفة تشبه الحساب الحقيقي، وبعد ذلك يرسلون طلبات صداقة إلى أصدقاء الضحية حتى يظنوا أنهم يتحدثون مع شخص يعرفونه فعلا.
في حال تمكن المخترق من السيطرة على حساب حقيقي، فإن هذا يمنحه فرصة أكبر لتنفيذ هجمات أكثر ذكاء، إذ يمكن لأدوات الذكاء الصناعي تحليل المحادثات السابقة واكتشاف العلاقات القريبة وحتى تقليد طريقة الكتابة، ما يجعل الرسائل تبدو طبيعية ومقنعة وقد تحتوي هذه الرسائل على روابط خبيثة أو طلبات مالية أو حتى قصص طارئة مزيفة.
بسبب هذه المخاطر، أصبحت المواقع تستخدم وسائل حماية أقوى مثل التحقق بخطوتين (2FA) واختبارات "كابتشا" (CAPTCHA) المعقدة وأنظمة مراقبة السلوك، لكن رغم ذلك يظل العنصر البشري هو الحلقة الأضعف، لأن خداع الناس نفسيا أسهل من كسر الأنظمة التقنية.
أنواع الهجمات الإلكترونية التي تعتمد على روبوتات الذكاء الصناعي
يستخدم مجرمو الإنترنت تقنيات ذكاء صناعي متعددة لإنشاء برمجيات ضارة ذكية أو لتقليد شخصيات مشهورة أو جهات معروفة، ورغم أن العديد من هذه الهجمات الاحتيالية تعتمد على أساليب الخداع التقليدية، فإن الذكاء الصناعي يجعلها أكثر إقناعا وأصعب في اكتشافها، وسنذكر أبرز الهجمات الإلكترونية التي يعتمدها الهاكرز في استهداف ضحاياهم.
روبوتات الذكاء الصناعي الخبيثة
انتشرت في الآونة الأخيرة نسخ خبيثة من نماذج الذكاء الاصطناعي مثل "وورم جي بي تي" (WormGPT) و "فرود جي بي تي" (FraudGPT) و "أونيون جي بي تي" (OnionGPT) التي يمكن استخدامها لإنشاء برمجيات ضارة واكتشاف ثغرات الأمان في الأنظمة وتقديم نصائح للاحتيال والاختراق والسيطرة على أجهزة الآخرين.
يُعد نموذج "لوف جي بي تي" (Love-GPT) هو الأخطر لأنه متخصص في عمليات الاحتيال العاطفي، حيث يسمح بإنشاء حسابات وهمية على تطبيقات المواعدة المشهورة مثل "تيندر" (Tinder) و"بامبل" (Bumble) ويقوم بالدردشة مع الضحايا بشكل مقنع لخداعهم، ومن الجدير بالذكر أن هذه الأداة موجودة منذ أكثر من عقد من الزمن ولكن لم تُدمج فيها تقنية الذكاء الصناعي إلا بعد إطلاق "شات جي بي تي" بأشهر.
شرح الكود البرمجي واكتشاف الثغرات الأمنية
تُعد روبوتات الذكاء الصناعي وخاصة "شات جي بي تي 4" أدوات مفيدة في شرح الكود البرمجي واكتشاف الثغرات الأمنية فيه، ولأن هذه الأدوات وجدت لمساعدة المستخدمين، فسوف تعتقد أنك بحاجة لفحص كود برمجي خاص بشركتك أو تطبيقك بهدف حمايتها من الاختراق، وهو ما يستغله الهاكرز لتنفيذ اختراقه.
عند تزويد "شات جي بي تي" بمثال يحتوي على كود معين، يمكنه تحديد المشكلات الأمنية ويعرض كيف يمكن للمهاجم استغلال هذا الضعف لتنفيذ أوامر خبيثة، وبعد ذلك يُقدم نسخة محسنة من الكود تُظهر كيفية معالجة هذه الثغرة وتأمين الموقع أو التطبيق.
من الجدير بالذكر أن روبوتات الذكاء الصناعي المتقدمة -خاصة بالنسخ المدفوعة- قادرة على تحليل أكواد شديدة التعقيد وشرح طريقة عملها والكشف عن الثغرات بل وحتى توضيح كيف يمكن استغلالها.
البرمجيات الخبيثة الذكية
مع ظهور الذكاء الصناعي ظهر نوع جديد وخطير من البرمجيات الخبيثة تعمل بشكل مستقل تماما. ففي السابق كان الهاكر يحتاج إلى أن يتحكم يدويا في البرمجيات الخبيثة بعد أن يتمكن من حقنها داخل شبكة أو جهاز الضحية، ولكن اليوم أصبح من الممكن أن تعمل بشكل تلقائي دون تدخل بشري.
مع وجود نماذج ذكاء صناعي مثل "شات جي بي تي" أصبحت البرمجيات الخبيثة قادرة على اتخاذ قرارات بنفسها، مما يُمكنها من تحديد موقع البيانات المهمة، ومعرفة موقع كلمات المرور المخزنة محليا، وحتى كيفية الاتصال بمصادر البيانات واستخراجها تلقائيا.
بفضل قدرتها على معالجة كميات كبيرة من البيانات بشكل أكثر كفاءة من الإنسان، فإن استخدام البرمجيات الخبيثة الذكية يشكل خطرا أكبر بكثير مقارنة بالبرمجيات الخبيثة التقليدية التي تتطلب تفاعل الهاكر بشكل يدوي.
نظرا لأن البرمجيات الخبيثة تعمل بشكل مستقل، لم يعد من الضروري أن يتحكم الهاكر في البرمجيات ويوجهها يدويا، وهذا يجعلها ليست فقط أكثر خطورة، بل وأكثر شيوعا أيضا، وهذا يعني أن المزيد من الشركات قد تكون عرضة للاختراقات العشوائية بدلا من أن تكون هدفا محددا.
حملات التضليل الآلي
يستخدم الهاكرز الآن روبوتات الذكاء الصناعي لنشر معلومات كاذبة على نطاق واسع وبسرعة كبيرة، إذ تقوم هذه الروبوتات بإنشاء تعليقات ومنشورات مزيفة على مواقع التواصل ومنتديات النقاش لنشر أخبار كاذبة بطريقة تبدو حقيقية ومقنعة.
على عكس الحملات التقليدية التي كانت تتطلب وقتا وجهدا بشريا، يمكن الآن لأدوات الذكاء الصناعي أن تُدير العملية كاملة بشكل آلي، ما يجعل الأخبار الزائفة تنتشر بشكل أسرع وأسهل، كما تستطيع هذه الروبوتات إنشاء حسابات وهمية تتفاعل مع المنشورات وتنشرها لتعزيز مصداقيتها، وإذا انتشرت هذه الحسابات بكثرة فقد تتمكن من إقناع الأشخاص غير المطلعين أو المترددين بالانحياز إلى روايتها. ولا يتوقف الأمر عند نشر الشائعات فقط، بل تُستخدم هذه الحملات أيضا لتوجيه المستخدمين إلى مواقع الاحتيال، حيث يمكن أن تحتوي الأخبار الكاذبة على روابط ضارة، وغالبا ما تنتشر هذه المنشورات قبل أن يتمكن المدققون من التحقق من صحتها، مما يؤدي إلى أن يشاركها كثير من الناس دون علم بحقيقتها.
هجمات التصيد الاحتيالي
لطالما كانت هجمات التصيد الاحتيالي عبر الرسائل النصية القصيرة والبريد الإلكتروني من أساليب المحتالين الشائعة، إذ تعتمد هذه الهجمات على انتحال شخصية شركة معروفة وهيئة حكومية بهدف سرقة بيانات تسجيل الدخول الخاصة بحسابات المستخدمين.
بالمقابل تبرز هجمات التصيد الاحتيالي الموجه التي تتطلب من المهاجمين إجراء بحث واستطلاع وصياغة رسائل بريد إلكتروني ونصوص مخصصة للغاية لخداع ضحاياهم، ومع ذلك فإن محاولات التصيد الاحتيالي الموجه لا تستهدف الأشخاص العاديين بل هي موجهة للشركات والأشخاص البارزين، حيث إنها تتطلب جهدا كبيرا لتنفيذها بنجاح.
باستخدام روبوتات الذكاء الصناعي أصبح بإمكان مجرمي الإنترنت أتمتة هجمات التصيد الاحتيالي الموجه الجماعية من دون إنفاق موارد أو وقت كبير على تمويل الحملة، وقد يستخدمون تقنية التزييف العميق (DeepFake) لإنشاء مقاطع فيديو مفبركة لشخصيات مهمة ليبدو الاحتيال أكثر إقناعا.
في إحدى الحالات، نشر موقع يوتيوب على منصة "إكس" تحذيرا يُنبه فيه صناع المحتوى من عمليات الاحتيال التي تتضمن مقطع فيديو مزيفًا لرئيسه التنفيذي، والذي صمم لخداعهم والكشف عن بيانات اعتماد تسجيل الدخول الخاصة بهم.
المصدر : مواقع إلكترونية
أكد الفريق البحثي أن الثغرة أثّرت على 8 من أشهر أنواع الهواتف الرائجة في السوق
2025 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال