"حوسبة الحافة".. الثورة الجديدة في معالجة البيانات والتطبيقات الذكية

يعدّ دمج الذكاء الاصطناعي مع حوسبة الحافة خطوة مهمّة نحو تحسين الأداء والأمان في معالجة البيانات.

مع التقدم التكنولوجي السريع، أصبح من الضروري البحث عن حلول جديدة لتلبية احتياجاتنا المتزايدة في معالجة البيانات بسرعة وفعالية. إحدى هذه الحلول هي حوسبة الحافة (Edge Computing) التي تُعد طفرة في كيفية معالجة البيانات وتوزيعها. في هذا المقال، سنتعرف إلى حوسبة الحافة، ميزاتها، تاريخ ظهورها، مستقبلها، والفروق بينها وبين الحوسبة السحابية.

حوسبة الحافة هي نموذج حوسبي يعالج فيه البيانات وتخزينها بالقرب من النقطة التي يتم إنشاؤها فيها بدلاً من إرسالها إلى مراكز البيانات المركزية. يهدف هذا النموذج إلى تقليل التأخير من خلال معالجة البيانات على مقربة من مصدرها، حيث يقلل الوقت المستغرق في إرسال البيانات إلى مراكز البيانات البعيدة وانتظار الاستجابة فتزداد السرعة ويتحسن أداء التطبيقات التي تعتمد على استجابة فورية، مثل الألعاب عبر الإنترنت، المركبات ذاتية القيادة، وتطبيقات إنترنت الأشياء التي تستفيد بشكل كبير من حوسبة الحافة. 

هذا بدوره يؤدي إلى تخفيف الضغط على الشبكات من خلال تقليل كمية البيانات التي تُنقل إلى السحابة. إذ يمكن أن يخفف الضغط على الشبكات ويوفر من تكاليف النقل. وبالخلاصة؛ معالجة البيانات محليًا يمكن أن يقلل من مخاطر التعرض للاختراقات التي قد تحدث في أثناء نقل البيانات إلى مراكز البيانات البعيدة أو من خلال اختراق مراكز تجميع البيانات.

ظهرت حوسبة الحافة ردًا على التحديات التي واجهتها الحوسبة السحابية التقليدية، خاصة مع التزايد الهائل في عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت وحاجة التطبيقات الحديثة إلى استجابة سريعة. بدأت الفكرة بالانتشار في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (2003-2007) وتطورت بسرعة لتصبح حلاً رئيسًا في معالجة البيانات في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

يتوقع الخبراء أن تؤدي حوسبة الحافة دورًا رئيسًا في مستقبل التكنولوجيا، خاصة مع التوسع في استخدام إنترنت الأشياء (IoT) والتطبيقات الذكية. من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة زيادة كبيرة في الاستثمار في حوسبة الحافة، مع تطوير المزيد من الأجهزة والبنى التحتية الداعمة لها.

يمكن رصد مجموعة من الفوارق بين حوسبة الحافة والحوسبة السحابية؛ ومنها على سبيل المثال موقع المعالجة،  ففي الحوسبة السحابية تعالج البيانات في مراكز بيانات مركزية بعيدة؛ بينما في حوسبة الحافة، تعالج بالقرب من مصدر البيانات أو في الجهاز ذاته الذي ينتج أو يخزن هذه البيانات. والأمر الآخر هو عامل التأخير، حيث إن حوسبة الحافة تقلل من التأخير بشكل كبير مقارنة بالحوسبة السحابية. والأمر الأخير يتعلق بالتطبيقات؛ فالحوسبة السحابية مناسبة لتخزين ومعالجة البيانات الضخمة وتحليلها على المدى الطويل، بينما تُستخدم حوسبة الحافة في التطبيقات التي تتطلب استجابة فورية وسريعة.

تستخدم حوسبة الحافة في المدن الذكية لتحليل البيانات في الوقت الحقيقي مثل حركة المرور، الإضاءة الذكية، وأنظمة المراقبة، وفي الصناعة لمراقبة وتشغيل المعدات الصناعية بشكل فوري، وكذلك في تطبيقات الصحة لمراقبة البيانات الصحية للمرضى في الوقت الحقيقي.

في مجال الذكاء الاصطناعي؛ يمكن استخدام تقنيات حوسبة الحافة في الحالات التي تكون فيها البيانات حساسة ولا تسمح المؤسسات بتبادلها وتجميعها في مراكز بيانات مركزية، إذ يُمكن استخدام التعلم الآلي الانتقالي Transfer Machine Learning  لنقل المعرفة المكتسبة من نماذج تعلم الآلة التي تدرّب على بيانات غير حساسة إلى الأجهزة الموجودة على الحافة. ويتيح هذا النهج الإفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي من دون الحاجة إلى نقل البيانات الحساسة خارج الموقع، ما يحافظ على الخصوصية والأمان.

كما وتعتمد حوسبة الحافة بشكل كبير على القدرات الحوسبية للأجهزة الذكية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الاستشعار. وتُعد الهواتف الذكية أدوات قوية، يمكنها تنفيذ عمليات معالجة البيانات المعقدة، بفضل معالجاتها المتقدمة وقدراتها التخزينية الكبيرة، من خلال توزيع المهام الحوسبية على هذه الأجهزة، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل الضغط على الخوادم المركزية وزيادة كفاءة العمليات.

يعدّ دمج الذكاء الاصطناعي مع حوسبة الحافة خطوة مهمّة نحو تحسين الأداء والأمان في معالجة البيانات. من خلال الإفادة من التعلم الآلي الانتقالي والقدرات الحوسبية للأجهزة الذكية، يمكن تحقيق استجابات سريعة وفعالة من دون التضحية بخصوصية البيانات وأمانها. ويستفيد العاملون من حوسبة الحافة من خلال القدرة على إنجاز مهام كبيرة ومعقّدة كانت تتطلّب في السابق خوادم ضخمة وباهظة الثمن. 

حوسبة الحافة تتيح لهم توزيع هذه المهام الكبيرة إلى مجموعة من المهام الصغيرة التي يمكن معالجتها، بشكل متوازٍ، على الأجهزة الحاسوبية القريبة (الـ edges)، ومن الأمثلة على تلك تطبيقات البحث العلمي حيث يمكن للباحثين توزيع عمليات الحساب المكثفة على أجهزة الحافة لإجراء محاكاة علمية معقدة، وكذلك في تحليل البيانات من خلال توزيع عمليات تحليل البيانات الكبيرة على الأجهزة المحلية لتسريع العملية.

في الخلاصة؛ حوسبة الحافة هي تقنية رائدة تُحدث تغييرًا جذريًا في كيفية معالجة البيانات وتوزيعها. مع تزايد الطلب على التطبيقات الذكية والتفاعل الفوري، ستظلّ حوسبة الحافة جزءًا أساسيًا من البنية التحتية للتكنولوجيا في المستقبل. وتعِد هذه التقنية بمزيد من الابتكارات والتطورات التي ستغير وجه العالم الرقمي بشكل كبير.

علي أبو الحسن/ موقع العهد الإلكتروني

مواضيع مرتبطة

كيف تحمي هاتفك من استغلال ثغرة «كوالكوم» الخطيرة؟

 إذا كنت تستخدم هاتفًا من الأجهزة المتأثرة تأكد من أنك قمت بتحديث جهازك لأحدث إصدار كوالكوم.

يقوم بكل شيء".. إيلون ماسك يكشف عن روبوت إنسان من جيل جديد

سيتراوح سعر "أوبتيموس"، بحسب إيلون ماسك، من 20 إلى 30 ألف دولار.

خلل تقني يحذف ملفات وورد.. مايكروسوفت تكشف السبب

استعرضت شركة مايكروسوفت خلل تقني عاناه المستخدمون عند حفظ الملفات في برنامج مايكروسوفت وورد