كيف نجعل أطفالنا يعيشون شهر رمضان المبارك؟ "حسن" يحاول الصوم لأوّل مرة..فكيف ستكون تجربته؟
خاص: داليا فنيش/ موقع أمان الأطفال
في أخر يوم من شهر شعبان اجتمعت عائلة "حسن" أمام شاشة التلفاز لمتابعة إعلان رؤية شهر رمضان المبارك، وكانوا جميعًا فرحين، قال حسن: هذا يعني يا أبي أنّ غدًا هو أول يوم من شهر رمضان، أجابه أبوه: نعم يا ولدي.. كان حسن متحمسًا جدًا هذا العام؛ لأنه يريد الصوم لأول مرة في حياته. وبدأت الأسئلة ترواد حسن: هل أستطيع أن أجرب الصيام غدًا؟ كيف نستيقظ في منتصف الليل لتناول السحور؟ لماذا نصوم؟ عندما أشعر بالجوع والعطش أأستطيع الشرب والأكل؟
من المفيد أن يطرح الطفل أسئلة حول أهمية شهر رمضان المبارك لمساعدتهم في معرفة كل ما يدور في فكره؛ لأن تربية الأطفال مهمة صعبة وشاقة كي ينمو الطفل بإيمان راسخ وعادات صحية. لذلك؛ يشكّل شهر رمضان فرصة نادرة في كل عام لتعليم الأطفال بقدر المستطاع القيم الأخلاقية والعادات الإسلامية. إذ يستطيع الأهل أن يعوّدوا أبناءهم على أداء الصيام خاصة، وتعاليم الإسلام عامة، مثل الصلاة، وقراءة القرآن وحسن الخلق واحترام الوقت والنظام، ونحو ذلك من الأحكام والآداب الإسلامية.
كي يكون فعلًا شهر رمضان هذه الفرصة السنوية عند الأهل، كل ما عليهم هو استخدام استراتيجيات التعليم المناسبة من دون إجبار الأطفال على فعل شيء، وخصوصًا الصيام، حتى لا ينفروا منه.
من أهم هذه الاستراتيجيات:
- حثّ الطفل على الصيام المتقطع، يخلق عنده شعور بالارتباط بعقيدته وإنشاء ارتباط إيجابي بالشهر الفضيل.
- علينا وضع أهداف واقعية للطفل؛ كلّ بحسب قدراته وعمره، فقد لا يتمكّن الأطفال الأصغر من 7 سنوات من الصيام إلا لبضع ساعات في اليوم، بينما قد يتمكّن الأطفال الأكبر سنًا من الصيام ليوم كامل. فمن المهم الاستماع إلى طفلك والعمل معه لتحديد الأهداف، فنأخذ الأمر بالتدريج، من الصيام حتى أذان الظهر، مثلًا، فالاستعداد النفسي يساعدهم في تقبّل الصيام، فيمكن التغاضي عن بعض الأخطاء في أول مرحلة، شرب الماء من دون انتباه، فلا يُحاسب أو يُعاتب، إنما يحثّ على إكمال الصيام شيئًا فشيئًا، ليصل إلى وقت صلاة المغرب حتى لو استغرق الأمر أكثر من أسبوع للوصول.
- التدريج في قراءة بعض الآيات القرانية كل يوم ثم زيادتها تدريجيًا، سيساعده ذلك في بناء الثقة والشعور بالإنجاز مع تقدم أيام الشهر.
- زينة شهر رمضان لها تأثير نفسي كبير على الأطفال، تزيدهم فرحًا وبهجة، تعلّمهم باختلافه عن بقية الشهور، كما أنّها تكسر الروتين وتريح البصر، إضاءاتها تحقق الترابط العميق بين أفراد العائلة، وتزيد الحماس للصوم.
- خلق بيئة داعمة للصيام بمثابة تحدي بالنسبة إلى الأطفال. فمن المهم إنشاء هذه البيئة لتشجعيهم على النجاح في هذا التحدي، مثل إنشاء غرفة او زاوية مخصّصة للصلاة في المنزل أو شراء سجادة خاصة بالطفل، أو إنشاء تقويم رمضاني لتتبع التقدّم الذي ينجزه كل يوم، ثم مكافأته على الإنجازات التي يصل إليها.
- تنظيم الوقت من الأمور المهمة التي يتعلّمها الطفل في هذا الشهر الكريم، تخصيص وقت لدراستهم وتفسيم عدد ساعات بين النوم والأكل والعبادة يساعدهم في الحفاظ على تركيزهم وتجنب إضاعة الوقت من دون فائدة.
- التحفيز والتشجيع المستمر لطفل أمام الأخرين من خلال المدح وإخبار العائلة والرفاق عن قدرته على صيام يوم كامل، أو تكريمه عند الإفطار وإظهار الاهتمام به، أو إعداد الأطعمة التي يحبّها..
- من الضروري إشغال الطفل ببعض المهمات كي ينسى الجوع والعطش، مثل مساعدة أمّه في تحضير وجبة الإفطار وترتيب السفرة أو من خلال الألعاب التي لا تجهده.
- تعليم الطفل تهذيب النفس عبر مساعدة الفقراء والمحتاجين، وحثّه على الصدقة والبرّ، لكي يتعلّم معنى التبرع والإحساس بالفقير، والطلب من الأطفال خاصة أولئك الذين يحصلون على مصروف أسبوعي أو يومي، تقديم تبرّع وصدقة من مخصّصاتهم.
- مشاركة الطفل في توزيع الطعام على الفقراء وتناول وجبة الإفطار معهم.
- عدم تكليف الطفل بما لا يستطيع من العبادات، منها الصيام يوم كامل؛ فهذا يؤدي إلى مخاطر صحية وأخرى تربوية وقد يسبب أخلاقًا سلبيّة، مثل الكذب بأنّه صائم وهو يشرب ويأكل بالسر عن أهله، خوفًا منهم وفرارًا من إلزامهم.
- تنبيه الطفل إلى سلوكه اليومي مع أخوته وأصدقائه وأنّ لشهر رمضان حرمة خاصّة، فهذا يعلّمه الأدب والأخلاق الرفيعة، وضبط النفس والتحكّم بمشاعره مع مرور السنين.
الفوائد التربوية والاجتماعية للأطفال خلال شهر رمضان:
إذا علّمنا الأطفال، في سن مبكر أهمية شهر رمضان والصيام، يزداد فهمهم له فيقدرون هذا الفرض، ويقومون به بشكل كامل في ما بعد. إذ ينجم عن صيام الأطفال لشهر رمضان العديد من الفوائد التربوية والاجتماعية؛ وأهمها:
1. تنمية الأحاسيس وإيقاظ المشاعر مع عوامل ضبط النفس وتهذيبها على القيم السلوكية والعادات الحسنة.
2. المشاركة الانفعالية والعاطفية ودفع الطفل للإحساس بالآخرين.
3. إشعار الطفل بأنه يعيش الأجواء الاجتماعية المرافقة لشهر رمضان مع أسرته ومجتمعه.
4. تنمية قوة الإرادة عند الأطفال من الاستيقاظ وقت السحور لتناوله مع الكبار والإصطحاب إلى المسجد لصلاة الفجر.
5. تعويد الطفل على الصبر والتحمّل.
6. تجسيد الصيام في نفس الطفل من صدق الإخلاص لله -عزّ وجلّ- والبعد عن الكذب والخداع وتخفيف اندفاع نفس الطفل وراء رغباتها.