سبايدرمان، سوبرمان، باتمان، الرجل الحديدي، كابتن أميركا، وشخصيات أخرى، كلّها لأبطال خارقين يتعلّق بهم أطفالنا وقد يقلّدونهم. لكن هذا الهوس قد لا يكون مفيدًا أبدًا، فبدلا من الميل إلى الصفات الإيجابيّة؛ مثل الشجاعة والكرم والصدق، قد يميل الأطفال إلى العدوانيّة والعنف.
بما أنّ "أبطال الشاشات" يشغلون مساحة، في حياة أطفالنا، خاصةً في سنوات نموهم وتطوّرهم؛ فلا بدّ من مناقشة هذه الظاهرة. فهل لهذا التعلق تأثير سلبي على شخصياتهم؟ وما واجب الوالدين في حماية أطفالهما وتعريفهم بالخط الفاصل بين الخيال والواقع؟
خيال وفضول
توضح الاستشارية الأسريّة "ألكسندرا زهار" أنّ الطفل، في سن صغيرة، يتمتع بفضول وخيال واسع، فأفكاره تكون مليئة بشخصيات أبطاله المفضلة التي يشاهدها باستمرار، ويسعى دوما لتقليدها، فهي قدوته ومثاله الأعلى. وتضيف "هؤلاء الأبطال قد يعلّمون الأطفال قيما رائعة، مثل الشجاعة والصدق والشعور بالمسؤولية، تجعلهم أفرادا صالحين، من خلال توظيف قوتهم في مساعدة الآخرين ورفع الظلم عنهم من دون استخدام العنف". لكن، في بعض الأحيان، قد يضيع الطفل في عالمه الخاص، بعيدا عن حقائق الحياة، بسبب اعتقاده بأن عالم الأبطال الخارقين حقيقي، وقد يتصرف بالطريقة نفسها أيضا، وهذا ما يجعل الطفل موهومًا.
ووفاقًا لـــ"زهار"، من الضروري تعريف الأطفال بأن الأبطال الخارقين موجودون بيننا أيضا في الحياة، وليس في الخيال فقط، فكلّ شخص قادر على تأدية عمله، بصورة جيدة، ومساعدة الناس في الحفاظ على حياتهم، هو بطل خارق واقعي، قد يكون ضابطا أو رجل إطفاء أو طبيبا مثلا. ولا ضير من جعل الطفل يقابلهم عن قرب، ويتعرّف إليهم بملابسهم الرسمية، حتى لو شعر بالخوف أو الخجل في بداية الأمر.
تضيف "زهار" قائلة إنّه: "يجب تعزيز المهارات الإيجابيّة المهمّة التي يكتسبها الطفل من الشعور بالثقة والقوة لمساعدة الآخرين، وإمكان التشاور لحلّ المشكلات، إضافة للتفريق بين الخير والشر باتباع الطريق الصحيح".
ما التأثيرات السلبية على حياة الأطفال؟
أوضحت "زهار" أنّ سبب التعلق الشديد بالأبطال الخارقين وتقليد سلوكهم، من دون توجيه أو إرشاد، يعلّم الطفل العنف والتصرفات العدوانية بسبب رؤيته المستمرة لقتال الأبطال. ومن الممكن أن يسيطر الغضب والتوتر على سلوك الطفل وكلامه عند ترديده بعض أقوال وعبارات أبطاله (مثل "أنا غاضب" – "أنا مستاء".. إلخ). وهذا السلوك النفسي الذي يسيطر على الطفل قد يجعله متنمّرًا على أقرانه الأقل منه قوة، الأمر الذي يكتسبه من خلال شعوره بتفوقه وقوته التي لا مثيل لها وأنه البطل الذي لا يقهر ولا يقبل بالهزيمة.
في هذا الإطار؛ عرض موقع "موم جانكشين" مقالا عن تأثير الأبطال الخارقين على الأطفال، فهو قد يكون إيجابيًا، من خلال تعزيز فكرة القضاء على الشر وإحلال الخير في العالم. فبعض الشخصيات الخارقة (الإيجابية) يمكن أن تساعد الأطفال على التمييز بين أعمال الخير وأعمال الشرّ. وهذا الأمر يُعدً مفيدًا لا سيما في سن صغيرة، فينشأ الطفل على حبّ فعل الخير ورفض الشر.
في هذا الشأن؛ لاحظ الدكتور "لانس جاريسون"، اختصاصي علم نفس الأطفال -من خلال دراسته الهادفة لمعرفة التأثير السلبي والإيجابي لهوس الأطفال بالأبطال الخارقين- أنّ الصفات المفضلة لدى الأطفال في أبطالهم هي الشجاعة والشهامة والكرم والصدق وتحقيق العدالة، وهذا ما يدفعهم للشعور بالراحة والثقة أكثر في حياتهم. لكن من المهم جدا أن يناقش معهم الآباء الجوانب الإيجابية والسلبية في بعض الأحيان، للتمكن من تطوير شخصياتهم، وتلافي أي مشاكل نفسية.
وحذّر "جاريسون" من أن "الآثار السلبية قد تكون خطيرة على الأطفال؛ بل وتهدد سلامتهم، مثل تقليدهم في القفز من المرتفعات أو اللعب بالأدوات الحادة التي تسبب إصابات خطيرة، إضافة إلى ممارسة السلوك العدواني والعنف ضد أقرانهم".
وأوضح أن الأبطال الخارقين الآن يشاركون في دوامة من العنف على الشاشات، ليس لها نهاية، ويدخلون في مشاجرات ومعارك مع أشرار لا ينتهون، ويحبون حمل الأسلحة. كما أنهم نادرا ما يذكرون أنهم يحاربون من أجل الخير ومصلحة الإنسانية، وخاصة شخصيات (أبطال) يتمتعون بقوى سحريّة غير واقعية على غرار الطيران أو إطلاق النار من العينين أو السير في الهواء.
نصائح مهمة
قدّمت "زهار" بعض النصائح للوالدين لحماية الأطفال من التأثير السلبي للأبطال الخارقين، منها:
1- تحذير الأطفال من استخدام الأدوات المؤذية التي ترافق لعب الأبطال الخارقين، ومنها العصي والسيوف وغيرها من الأدوات.
2- تقليد ألعاب "الأبطال الخارقين" قد يعرض الطفل لأضرار جسدية هو أو خصمه الذي يلعب معه، وتنتهي اللعبة بتبادل ألفاظ سيئة بينهما؛ لذلك من الضروري تعريف الطفل بأن هذه الألعاب مؤذية، والأفضل الاستعاضة عنها بألعاب بعيدة عن السلوك العدواني.
3- في بعض الأحيان قد يضيع الطفل في عالمه الخيالي الخاص، بعيدا عن واقع الحياة، ويتصرف بطريقة مشابهة للأبطال الخارقين على الشاشة، وهذا أمر سلبي. لهذا يجب على الوالدين أن يوضحوا للطفل الفرق بين الخيال والواقع.
المصدر : لاريسا معصراني/ الجزيرة + مواقع إلكترونية
أحد أكثر المخاوف التي تعتري الأمهات في أماكن النزوح هي عدوى الأمراض بين الأطفال..
2024 © جميع الحقوق محفوظة لموقع أمان الأطفال