في ظلّ البيئة الرقميّة؛ أي تحدّي يفرضه على اختصاص المعلومات وعلوم المكتبات في لبنان؟

في ظلّ البيئة الرقميّة؛ أي تحدّي يفرضه على اختصاص المعلومات وعلوم المكتبات في لبنان؟

تعرّف إلى الكفاءات والمهارات في الاختصاص، وتطويرها التي تساعد في إيجاد متخصّصين يمتلكون كفاءات علميّة متطوّرة

كان للتطوّر الذي شهده العالم بعد أن تخطّى الحدود الجغرافيّة، بسبب ترابطه عبر شبكة الإنترنت، دوررًا وأثرًا كبيرين في مجالات البحث والاتّصال على مدى السنوات السابقة. فقد شهدت العقود الماضية نموًّا مطّردًا ومتسارعًا لناحية الأنشطة البحثيّة ومراقبة الأداء البحثيّ وتقويمه. وتكمن أهمّيّة هذا البحث في أنّه يسلّط الضوء على الواقع الراهن للتطوّرات التي تطرأ على اختصاص علوم المكتبات والمعلومات بشكل عام، وفي لبنان بشكل خاصّ، والإفادة من هذه النتائج في تغيير الكفاءات والمهارات في الاختصاص، وتطويرها مع الأخذ بالحسبان الإمكانات التقنيّة التي تساعد في إيجاد متخصّصين يمتلكون كفاءات علميّة جديدة ومتطوّرة تؤهّلهم للاندماج في سوق العمل بشكل فعّال.

الإشكاليّة:

إنّ الثورة التقنيّة المتسارعة التي تواجه علوم المكتبات والمعلومات تتمثّل في مجموعة تحدّيات أساسيّة، ومتطلّبات فرعيّة، أبرزها ضرورة مواكبة التطوّرات، ومواءمتها مع الحاجات المهنيّة المطلوبة. وبناء عليه تنطلق إشكاليّة الدراسة الحاليّة من واقع الكفاءات والمهارات الحاليّة في علوم المكتبات، والمعلومات، والتحدّيات المستقبليّة التي تواجهها مهنة المتخصّصين في ظلّ التطوّرات المتلاحقة، وحاجات المستفيدين التي يشهدها العالم بهذا الخصوص.

ويمكن من خلال هذه التبدّلات الجديدة في المهارات والكفاءات طرح تساؤلات عدّة في المجال بينها:

1- ما هي الكفاءات والمهارات العلميّة التي يجب توافرها في اختصاصيّ المعلومات من أجل مواكبة التطوّرات في علم المكتبات والمعلومات؟

2- هل الكفاءات والمهارات الحاليّة التي يمتلكها الاختصاصيّون في المهنة تتلاءم والبيئة الرقميّة؟

3- ما مدى تأثر الكفاءات والمهارات في علم المكتبات والمعلومات بالتطوّرات التقنيّة الرقميّة؟

أهمّيّة الدراسة:

تكمن أهمّيّة هذه الدراسة في عدد من النقاط وهي:
1– تعرّف الكفاءات والمهارات الحاليّة، والتركيز على الكفاءات والمهارات الحديثة التي يجب توافرها في المتخصّصين في مجال المكتبات والمعلومات.
2– ندرة الإنتاج الفكريّ العربيّ المرتبط بعلوم المكتبات، والمعلومات وحاجته إلى التحديث والمتابعة.
3– مواكبة التطوّرات المستجدّة في الاختصاص ولا سيّما التقنيّة والتكنولوجيّة منها.
4– تعزيز دور اختصاصيّ المعلومات في ظلّ البيئة الرقميّة.
5– تغيّر متطلّبات سوق العمل الجديدة وتجدّدها في المهنة.
6– أهمّيّة تدريب العاملين في المهنة وتأهيلهم لناحية المهارات والكفاءات.
7– ضرورة مواكبة البرامج الجامعيّة للكفاءات الأساسيّة في الاختصاص على المستويين النظريّ والتطبيقيّ.

تعريف اختصاصي المعلومات وبيئة العمل الرقميّة:

يمكن تعريف اختصاصيّ المكتبات والمعلومات هو من يحصل على المؤهّلات الأكاديميّة والشهادة العلميّة في علم المكتبات والمعلومات. كذلك تشمل هذه التسمية الاختصاصيّ الذي تلقّى التدريبات والمؤهّلات المهنيّة المطلوبة في الاختصاص ليكون قادرًا على إنجاز المَهَمّات المتعدّدة الموكلة إليه في المجال، سواء لنواحي التعامل مع المعلومات وتنظيمها وإتاحتها، أو لناحية توفير خدمات المعلومات وتلبية حاجات المستفيدين وغيرها من الخدمات الأخرى المرتبطة بالاختصاص. 

 

أمّا مصطلح اختصاصيّ المكتبات والمعلومات الرقميّة فيشمل، إضافة إلى التعريف السابق، القدرة على التعامل مع المعلومات ومصادرها الرقميّة بالاعتماد على التقنيّات الحديثة والمتطوّرة في التخصّص.

يندرج تحت هُويّة اختصاصيّ المعلومات مجموعة من التسميات بينها:

1-   إخصائيّ نظم المعلومات المعني بتحليل نظم المعلومات وتصميمها، فضلًا عن دورهم في حلّ المشاكل التي ترتبط بالشبكات والمعلومات. 
2-   علماء المعلومات، وهم المسؤولون عن إعداد القوانين والتشريعات، ووضع النظريّات الخاصّة بعلم المعلومات.
3-   وسيط المعلومات هو المسؤول عن توصيل المعلومات إلى من يحتاجها وعادة ما تكون علاقته مع متّخذي القرارات، ومع مؤسّسات المعرفة.
4-  مدير المعلومات هو المعنيّ بإعداد الخطط وتطوير الاختصاص فضلًا عن أنّ مسؤوليّته تشمل نواحي أخرى عدّة بينها متابعة برامج المعلومات، وإدارة الموارد البشريّة، والمادّيّة، والماليّة، والتجهيزات في المكتبات، ومراكز المعلومات. 

يمكن القول إنّ مصطلح اختصاصيّ المعلومات يستوعب كلّ العاملين في المعلومات وتكنولوجيا المعلومات وما يرتبط بها من تصميم للنظم، وتحليلها، وتطويرها، ومتابعتها، فضلًا عن إدارة مصادر المعلومات المتنوّعة في المكتبات ومؤسّسات المعلومات ولا سيّما في ظلّ البيئة الرقميّة الحديثة التي تقوم على أساس التعامل مع المعلومات الرقميّة والتقنيّات المتطوّرة التي توفر إمكانيّة الوصول المباشر إلى المعلومات من مصادرها، سواء كان ذلك بالمجان أو بالاشتراك.

أمّا مصطلح بيئة العمل الرقميّ؛ فيعني اعتماد المكتبات ومراكز المعلومات ضمن منظومات عملها على التكنولوجيا ووسائل الاتّصال والإنترنت الحديثة بشكل كامل. في حين أنّ هُويّة بيئة العمل الرقميّ يندرج ضمنها عنوانان هما: العناصر البشريّة، وهي الأهمّ، وتشمل المتخصّصين الذين يتولّون مسؤوليّة إدارة عمل المؤسّسات وتنظيها، وتسييرها، والقدرة على التعامل مع أنواع التقنيّات الحديثة المتنوّعة؛ وكذلك تدلّ العناصر المادّيّة على تكنولوجيا الكومبيوتر وملحقاته الفنّيّة؛ إضافة إلى العناصر غير الملموسة التي تدل على أنظمة المعلومات، والبرمجيّات، والتطبيقات التقنيّة الخاصّة بالتعامل مع المعلومات ومعالجتها

 

واقع اختصاصيّ المكتبات والمعلومات وتطوّره في ظلّ البيئة الرقميّة:

يتميّز اختصاصيو المعلومات، في العصر الرقميّ، بأنّهم يواكبون التطوّرات في الاختصاص ولا سيّما التقنيّة منها، ويسعون بشكل دائم إلى مواصلة التعليم والتطوير الذاتيّ في المهنة. وبالتالي؛ فإنّ دور اختصاصيّ المعلومات الجديد وطبيعة عمله تختلف عمّا كانت عليه في السابق، فقد بات عليه التعامل مع العديد من التطوّرات التقنيّة التي دخلت إلى المهنة؛ مثل تحليل نظم المعلومات وتطويرها وتصميم المواقع الإلكترونيّة والتعامل مع مصادر المعلومات الرقميّة وتصميم قواعد البيانات وتحليلها وتحسين طرائق البحث واسترجاع المعلومات، والتواصل مع المستفيدين، وإعلامهم بآخر المستجدّات وغيرها من الخدمات والمَهَمّات الأخرى التي لا يسع ذكرها جميعًا.

لقد أحدثت التطوّرات التقنيّة الجديدة ومعها البيئة الرقميّة تأثيرًا مباشرًا في هُويّة اختصاصيّ المعلومات ودوره المهنيّ والوظيفيّ من جهة، وفي طبيعة المعلومات ومصادرها من جهة أخرى. وبالتالي؛ فإنّ الرؤية الحديثة لاختصاصي المعلومات في البيئة الرقميّة أصبحت تشمل الاستشراف المستقبليّ للاختصاص، ولا سيّما في الجانب المهنيّ، حيث إنّ التدريب، والتأهيل الجيّد وتطوير القدرات على إنجاز المَهَمّات بأفضل الطرائق وأيسرها، وإتقان المَهَمّات المطلوبة تستلزم تغيير كفاءات ومهارات اختصاصيّ المعلومات وتحديثها من أجل مواكبة التطوّرات، وتلبية حاجات المستفيدين بسهولة وفاعليّة.

 

الكفاءات والمهارات التي يجب توافرها في اختصاصيّ المعلومات:

اكتسبت مهنة المكتبات والمعلومات اهتمامًا كبيرًا لدى المتخصّصين والعاملين فيه عبر التاريخ، حتّى أصبحت عنصرًا أساسيًا في خطط التنمية، ولها كِيانها ووجودها عند اتّخاذ أيّ قرار. فحازت هذه المهنة، بشكل عام، على أهمّيّة كبيرة ومؤثّرة ولا سيّما بعدما شهدت تطوّرا ملحوظًا في مجالات جديدة عدّة فيما بينها:

1-    تحوّل التقنيّات الحديثة من عامل مكمّل إلى عنصر أساسيّ في المهنة.
2-    تزايد الاهتمام بكيفيّة الحصول على المعلومات التي تلبّي حاجات المستفيدين.
3-    تغيّر دور المكتبات من الحصول على الوثيقة إلى البحث في محتواها.
4-    استبدال مصادر المعلومات التقليديّة بمصادر رقميّة تكون أكثر تطوّرا وحداثة.
5-    جمع مصادر المعلومات أصبح أداة، أو وسيلة تعتمد لخدمة المستفيدين. 

هذه التطوّرات والتغيّرات التي شهدها الاختصاص وغيرها أسهمت بدورها في تغيير أدوار ومَهَمّات وحتّى مفهوم اختصاصيّ المعلومات، أيضًا في تقسيم الاختصاص إلى فئات عدّة. وهو المبدأ التوجيهيّ لمناقشة وضعيّة اختصاصيّ المعلومات. فالاختصاصيّ قديمًا كانت تطلق عليه بعض التسميات مثل المكتبيّ وأمين المكتبة، إلاّ أنّ تطوّر المهنة بدّل اسمه وصفته إلى اختصاصيّ المعلومات لتصبح هذه التسمية انعكاسًا للبيئة الرقميّة المعاصرة.

كذلك أصبحت مهَمّات اختصاصيّ المعلومات تعتمد أكثر على التعامل مع التقنيّات الحديثة إلى جانب مَهَمّاته إنجاز العمليّات الفنّيّة مثل تصميم قواعد البيانات، وتحليلها وإنشاء المواقع الإلكترونيّة وتقويمها وتأمين الوصول إلى شبكات المعلومات، ومصادرها، فضلًا عن التعامل، والتواصل مع المستفيدين، وتلبّية احتياجاتهم من المعلومات، وغيرها من المَهَمَّات المناطة به. 

وعليه؛ فإنّ الكفاءات والمهارات الجديدة التي على اختصاصيّ المعلومات أن يكتسبها لمواجهة تحدّيات البيئة الرقميّة تشمل:

اكتساب كفاءات ومهارات أكاديميّة ومهنيّة في الاختصاص من خلال التخصّص الأكاديميّ في المجال والإحاطة بجوانب التخصّص العلميّة والمهنيّة كلّها، ومتابعة التحصيل العلميّ. وتشمل هذه المجموعة على الكفاءات المفصلة الآتية: 

-    التطبيقات العمليّة للمقرّرات
-    نشر البيانات ومشاركتها.
-    إتقان اللغة العربيّة والإنكليزيّة بشكل أساسيّ إضافة إلى اللغة الفرنسيّة.
-    تأمين خدمات المعلومات وإتاحتها والقدرة على البحث عنها واسترجاعها.
-    تلبية حاجات المستفيدين
-    تنمية المجموعات وتقويمها.
-    تحقيق اقتصاديّات المعرفة.
-    تسويق خدمات المعلومات
-    امتلاك ثقافة عامّة وخلفيّة جيّدة إلى جانب الثقافة المتخصّصة في علم المكتبات والمعلومات.
-    القيام بالعمليّات الفنّيّة؛ مثل: الفهرسة، التصنيف، التكشيف وغيرها. 
-    استخدام أدوات الضبط البيبليوغرافيّ والتطبيقات البيليومتريّة.


-  اعتماد منهجيّات البحث العلميّ، من حيث مراعاة مسائل الملكيّة الفكريّة وحقوق النشر، وأخلاقيّات المهنة، الالتزام بقوانين المكتبات وتشريعاتها وتطبيقها تطبيقًا مبدئيًّا، وصف الموارد، والوصول إليها (RDA)، ووصف الموارد وإدارتها (RDM)، استخدام الإطار البيبليوغرافيّ (BibFrame)، التعامل مع تطبيقات الفهرسة الإلكترونيّة المتعدّدة (MARC-21, Metadata, OPAC)، تطوير المكتبة الإلكترونيّة.


-   اكتساب كفاءات ومهارات تقنيّة في الاختصاص ليكون مؤهّلًا للتعامل مع أنواع التقنيّات المتعدّدة والحديثة في المهنة. تشمل هذه المجموعة على الكفاءات المفصّل: تصميم النظم وتحليلها، معالجة البيانات (Big Data)، توصيل المعلومات وبثّها (Information/Content Delivery)، استخدام الكومبيوتر، استخدام الإنترنت، تصميم الصفحات الإلكترونيّة، التعامل مع النظم المتكاملة لإدارة المكتبات، معرفة شبكات الاتّصال، استخدام لغات البرمجة (Java, JavaScript, PHP, XML)، إتقان تطبيقات المايكروسوفت (Microsoft Office)، الحوسبة السحابيّة (Cloudification).

-   اكتساب كفاءات ومهارات إدارية وشخصيّة في المهنة. وتشمل هذه المجموعة على الكفاءات المفصّلة التالية: إدارة الموارد البشريّة، إدارة المكتبات، إدارة المشاريع، وضع السياسات المكتبيّة، استخدم طرائق التحليل (SWOT Analysis)، القيادة وتحمل المسؤوليّة، اتّخاذ القرارات، التصرّف أثناء الأزمات، إعداد الميزانيّة وإدارتها، مهارات الاتّصال والتواصل، بناء العلاقات وتطويرها، العمل ضمن فريق.

 

التحليل والمناقشة

أجرت هذه الدراسة سبع مقابلات مع أكاديميّين واختصاصيّين مهنيّين في علوم المكتبات والمعلومات في لبنان هم أستاذة تدريس الاختصاص في كلّيّة الإعلام في الجامعة اللبنانيّة الدكتورة باتريسيا رحمة؛ أستاذ تدريس الاختصاص في كلّيّة الإعلام في الجامعة اللبنانيّة الدكتور فوز عبد الله؛ مسؤولة المكتبة في الجامعة اللبنانيّية الأميركيّة (Lebanese American University – LAU) ساندريلا هبر؛ مسؤولة قسم نظم المعلومات المكتبيّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت (American University in Beirut – AUB) بسمة شباني؛ المديرة التنفيذيّة لمكتبة جامعة الروح القدس-الكسليك في بيروت (Holy Spirit University of Kaslik – USEK) رندة شدياق؛ المدير الإقليميّ لمؤسّسة النظم العربيّة المتطوّرة “نسيج” هشام درويش؛ المديرة التنفيذيّة لمؤسّسة “شمعة” في بيروت ريتا معلوف). 

في المقابل، تقاربت الإجابات بشأن ملاءمة الكفاءات مع حاجات سوق العمل، فقد أكّد ثلاثة من المستطلعين بأنّ الكفاءات والمهارات الحاليّة تتلاءم ومتطلّبات المهنة في لبنان، في ما عدّ أربعة آخرون أنّها لا تلبّي حاجات المهنة بالقدر المطلوب. 

أمّا بشأن سؤالهم عن ضرورة اعتماد المهنة على الكفاءات والمهارات الحديثة ولا سيّما التقنيّة، فقد اتّفق جميع المستطلعين على أنّها أصبحت جزءًا من صلب الاختصاص وبنيانه، ولم تعد مكملة أو جانبيّة كما كانت في السابق، وبالتالي أصبح تطوير هذه الكفاءات والمهارات أمرًا أساسيًّا، وحاجة دائمة بسبب ما تشهده المهنة من ثورة جديدة وخصوصًا البيئة الرقميّة. كذلك، أجمع الأساتذة وأصحاب الخبرة على أنّ تطوير الكفاءات والمهارات يجب أن يراعي التطوّرات الأكاديميّة في الاختصاص من جهة، وحاجات سوق العمل والمعايير الدوليّة من جهة أخرى.

إضافة إلى ذلك؛ أجمع الأكاديميّون والاختصاصيّون كلّهم، في المقابلات، على أنّ دور الأقسام الأكاديميّة وأصحاب الخبرة في الاختصاص أساسيّ ومحوريّ في تطوير الكفاءات والمهارات المتعلّقة بالمهنة. فلا يجوز حصر عمليّة تطوير الكفاءات، والمهارات من جانب الأكاديميّين أو بالمهنيّين، بل لا بدّ من وجود تكامل في هذه العمليّة وإلاّ سيعاني التخصّص والمهنة في لبنان الفوارق التي سيكون لها تأثير سلبيّ على المهنة بشكل عام. 

في السياق نفسه، أشار خمسة مستطلعين في المقابلات إلى أنّ تخصّص علم المكتبات والمعلومات في لبنان يعاني من الصورة النمطيّة السلبيّة فيه، داعين إلى اتّخاذ إجراءات مهنيّة وعمليّة ضروريّة من أجل تغييرها نحو الأفضل، وإلاّ فإنّ مستقبل المهنة سيكون مهدّدًا بالتراجع والاضمحلال في المستقبل. فيما عدّ اثنان من المستطلعين أنّ الصورة النمطيّة عن الاختصاص متفاوتة، حيث رأى أحدهم أنّ الصورة النمطيّة إيجابيّة، لكنّها تحتاج إلى التحسين والتطوير.

أمّا الرأي الآخر؛ فيرى أنّها إيجابيّة كتخصّص علميّ يدرس في الجامعة بينما يعاني بعض المشاكل على مستوى سوق العمل اللبنانيّ. لكن الجميع اتّفقوا على أنّ تطوير الكفاءات والمهارات في الاختصاص يجب أن تراعي مسائل عدّة أبرزها، تطوير الكفاءات المهنيّة والتقنيّة التي تدرّس ضمن المناهج الأكاديميّة في لبنان، والعمل على تفعيل التسويق وزيادته، والترويج للاختصاص، والاعتراف بالجمعيّات المهنيّة في الاختصاص كممثّل للمهنة فضلًا عن أهمّيّة إدراج التوصيف الوظيفيّ للمهنيّين في الدستور اللبنانيّ.

 

النتائج والخلاصات:

في خلاصة الدراسة؛ يمكن القول إنّ تخصّص علم المكتبات والمعلومات يعدّ بالغ الأهمّيّة، ويوازي سائر التخصّصات في دوره ومكانته في لبنان. فعلى اختصاصيّ المعلومات والمكتبات بذل المزيد من الجهود في سبيل اللحاق بركب التطوّر في الاختصاص ولا سيّما في ظلّ البيئة الرقميّة الموجودة، وذلك من أجل تجاوز التأخّر الموجود حاليًّا في جميع المستويات والمراحل. 

من خلال هذا الاستعراض للمعلومات ودعمه بنتائج المقابلات التي أجريت في الدراسة عن علم المكتبات والمعلومات في لبنان، لا بدّ من تسليط الضوء على عدد من النقاط، وهي :
-   تعدّ الكفاءات والمهارات التي يمتلكها العاملون في الاختصاص ضعيفة إلى حدّ ما، ولا تناسب حاجات سوق العمل.
-   تعاني مناهج تدريس علوم المكتبات والمعلومات في لبنان وجود فوارق بين الجوانب النظريّة والتطبيقيّة والتقنيّة.
-   ضرورة تطوير الاختصاص على المستويين الأكاديميّ والمهنيّ، في الوقت نفسه، والحاجة إلى مواكبة التطوّرات وملاءمتها مع متطلّبات سوق العمل والمعايير الدوليّة.

-   التأكيد على أنّ دور الأكاديميّين والمهنيّين في الاختصاص أساسيّ في تطوير المستجدّات ومواكبتها، وعدم حصر هذه العمليّة بفئة محدّدة من دون الأخرى.

-   يتبيّن من خلال المقابلات أنّ الصورة النمطيّة للاختصاص في لبنان سلبيّة، فلا بدّ من العمل على تطويرها وتحسينها بما يتلاءم ومستجدّات المهنة الحاليّة ومتطلّباتها ولا سيّما الرقميّة.
-    اعتماد التقنيّات الحديثة ودمجها في الاختصاص بشكل يكون أكثر تأثيرًا وفاعليّة.
-    تحفيز اختصاصيّ المعلومات وتشجيعهم على أداء أدوار جديدة، وأكبر في المهنة من خلال اكتساب المزيد من الكفاءات والمهارات، ولا سيّما الرقميّة منها بهدف التكيّف مع البيئة الرقميّة الحاليّة.
-    زيادة خطط التوعية بأهمّيّة المهنة ودورها في عمليّة التنمية.
-    تحفيز الاختصاصيّين في علوم المكتبات والمعلومات على متابعة ومواصلة التعليم الذاتيّ.
-    تفعيل خطط التدريب والتأهيل للعاملين في مجال المكتبات والمعلومات في لبنان.
-    التعاون مع الجمعيّات الأكاديميّة والمهنيّة المعنيّة بالاختصاص من أجل تقديم الدعم اللازم للاختصاص على المستويين التطبيقيّ والتقنيّ.
-    تشجيع الاختصاصيّين والعاملين في مجال المكتبات والمعلومات على الانتساب إلى الجمعيّات المهنيّة.
-    ضرورة التركيز على تعليم الطلاّب لغة أجنبيّة متقدّمة، وتعزيز مكانة اللغة في المناهج، والتعامل معها على أساس أنّها مادّة جوهريّة في الاختصاص، وليست مادّة جانبيّة.
-    إعداد الدراسات والأبحاث المتخصّصة في المجال، ولا سيّما التقنيّة منها من أجل تسليط الضوء على الواقع الموجود، وإظهار التحدّيات التي قد تطرأ، بهدف وضع خطط وسياسات تساعد في حلّ المشاكل وتطوير المهنة على المستوى الأكاديميّ وتلبّي حاجات سوق العمل ومتطلّباته.
-    تفعيل التنسيق وتعزيزه بين جمعيّات المكتبات، ومراكز معلومات في المجال من هذا أجل حماية المهنة وتطويرها.

 

 

للحصول على تفاصيل هذه الدراسة راجع مجلّة أوراق ثقافيّة
الباحث الدكتور موسى الديرانيّ متخصّص علوم المعلومات في المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة.

 


 

مواضيع مرتبطة

أكفان الموتى.. كل ما تبقى لطفلة فلسطينية للحصول على بعض الدفء

"لا يوجد طعام، ولا ماء، نشتهي العنب والفواكه والخضراوات...أربد العودة إلى مدرستي..".

«أنصتوا لضمائركم»: طفلة بريطانية تطلق حملة تبرعات لأقرانها في غزة

بعض زملائها استغربوا المبادرة، فيما بادر آخرون إلى دعمها والتبرع لها..

"ما سمهاش هيك"..من فلسطين !

" شباب الذاكرة".. موجهّة لأجيالنا كي لا ننسى أسماء قرانا وبلداتنا في فلسطين الحبيبة..

كلمات مفتاحية

تكنولوجيا