فيلم " لوبيتو" للأطفال؛ معركة "علي" لكشف الطمّاع الكبير..!

فيلم

تنجح الخطط الشيطانيّة للطمّاع فتغلق الشرطة ورشة صناعة الألعاب، فيضيع أصدقاء عليّ ..فماذا سيصنع ليعيدهم؟

اعتادت مجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة على مشاهدة أفلام الأطفال (الرسوم المتحرّكة) الغربيّة؛ وذلك لسبب بسيط هو عدم توفّر مثل هذه النتاجات الفنيّة في بيئتها عمومًا. 

اليوم؛ مع تطوّر الأعمال الفنيّة السينمائيّة في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، نعد أنفسنا بسلسلة من هذه الأعمال التي بدأت تتطوّر منذ عقدين تقريبًا؛ خصوصًا بعدما قطعت السّينما الإيرانيّة عامّة شوطًا مهمّا في هذا الميدان على الصعيد العالمي منذ سنوات طويلة، وباتت تنال الجوائز والتنويهات.

يحطّ، في هذه الأيام؛ عندنا في لبنان، فيلم "لوبيتو" للأطفال والمراهقين، وهو من إنتاج "محمد حسين صادقي" وإخراج "عباس عسكري"، وهو أول إنتاج سينمائي لمركز الرسوم المتحرّكة التابع لمنظّمة السّينما السّينمائيّة، والذي أنتجه فنانو كرماني بتقنية ثلاثية الأبعاد، والذي فاز بالجائزة الخاصة للمخرج في المهرجان الدّولي لأفلام الأطفال والمراهقين، والفراشة الذهبيّة لأفضل إنجاز فني - القسم الدّولي، كما وصل إلى الدّورة العاشرة لمهرجان الأطفال العالمي في تركيا- اسطنبول.

حكاية الفيلم

يبدأ الفيلم من داخل مصحّة للأمراض النفسيّة؛ حيث نشاهد بعض المرضى وهم يقومون بصنع ألعاب جميلة للأطفال، وهم يغنون فرحون بإنجازاتهم. يدير هذه المصحّة الطبيب كمال، وهو شخصيّة طيّبة ومبدعة، قرّر معالجة مرضاه بعيدًا عن الأدوية والعقاقير الطبيّة التقليديّة. ويبدو أنّه نجح في ذلك، فقد استطاع هؤلاء المرضى بالفعل إنتاج العديد من الألعاب، والتي أصبحت تغذي السّوق المحليّة في البلاد. ولكن هذا الواقع لم يرقَ لتاجر شجع وطمّاع، والذي تقلّصت مشترياته من الأسواق الخارجيّة؛ فقام بتدبير مؤامرة لإقفال عدد من مصانع الألعاب المحليّة ومنها ورشة المصحّة النفسيّة. 

نجحت خططه الشيطانيّة؛ فأقفلت الشرطة تلك المصانع ومنها الورشة، فضاع المرضى ومعهم الطبيب، حتى وصل الأمر أن نقلوا إلى مصحّة أخرى.. ولكن ابن الطبيب كمال "علي"، سيكون له دور كبير في كشف الحقيقة وإعادة الحياة إلى المصحّة.

خلفيّة الفيلم وأهدافه

حرص معدّو الفيلم وكاتب السّيناريو على أن يكون العمل هادفًا، يحمل قيمًا تربويّة واجتماعيّة، وحتى اقتصاديّة تُعنى في فهم معنى أن يكون الإنسان منتجًا وفاعلًا في مجتمعه. وقد حملت هذه القيمة الأساسيّة، في الفيلم، عدّة أبعاد ثقافية – اقتصاديّة، من الممكن أن ندرجها تحت العنوانين الآتية:

1-    التكافل الاجتماعيّ:
أثبت الفيلم، من خلال تبنّي الطبيب للمرضى واتحادهم وتعاونهم في ما بينهم لصنع الألعاب، أنّه عندما يتحقق التكافل الاجتماعي تتحقق معه مصلحة الفرد والمجتمع معًا. فهذه القيمة جزء من عقيدة المسلم والتزامه الدينيّ؛ ونظام أخلاقيّ يقوم على الحبّ والإيثار ويقظة الضمير. 

2-    العمل والمثابرة رأس مال اقتصاد المجتمع:

لقد كانت مثابرة الشّخصيات على العمل لافتة؛ فالجميع يقوم بعمله بحبّ وتفانٍ وبجو من الألفة والمرح، وقد أضفت الأغاني الهادفة والمدروسة هذه الثيمة الجميلة عن السّعي والعمل. إذ لا يختلف اثنان في أنّ السعي الحثيث يُعدّ من الاستراتيجيّات الأساسيّة في تدبير معيشة الإنسان، وهي وسيلةً لبناء شخصيّته وترسيخها، وفي الوقت نفسه هو وازعٌ لاكتمال قدراته البدنيّة والعقليّة، ونضوج طاقاته الفطريّة والذاتيّة. 

3-التربية على استثمار الموارد:

اتّسمت شخصيّة الطبيب بالذكاء حينما قرر استثمار قدرات مرضاه وإمكاناتهم الكامنة فيهم، فتمكّن من جعلهم نافعين. وهذا هدف عظيم للغاية، تكمن فيه سرّ وجود البشريّة واستمرارها. فهذه الاستراتيجيّة في تدبير المعيشة تؤدّي إلى القضاء على الفقر والحرمان، وتكون ذخرًا لا ينضب لأبناء المجتمع.
لقد كان جليًا في الفيلم إذكاء روح التحدّي والعمل على مواجهة الأخطار والصعوبات مهما يلغت شدتها، وهذا هو معنى المثابرة والصبر في آن، خصوصًا عندما يكون منصهرًا بروح جماعيّة تعمل متحدّة.

 

البنيّة الدراميّة

لقد كان واضحًا أنّ صنّاع الفيلم أبدعوا في التركيز على روح الطّفولة الصافيّة المحبّة للخير، وهي الفطرة الأساسيّة في كل إنسان، حيث كانت البطولة الثانية في الفيلم للطفل "علي"، والذي تمكّن من فكّ لغز المشكلة المستعصية، خصوصًا بعدما ظهر له ملاك من السّماء يحاول مساعدته. إذ وحده الطفل "عليّ" الذي تمكّن من رؤيته، وفي هذا إشارة إلى روح الأطفال البريئة، وأيضًا تتضمن التفاتة بارزة إلى الاتصال بعالم الغيب الذي نؤمن به. فالملاك لم يقم بحلّ مشاكل المصحّة النفسية بقدرة ساحر- كما هو في الأفلام الغربية الموجهة للأطفال- بل هو قدّم إشارات وحثّ على التفكير في الحلّ السّليم وعدم التسرّع.

 أمّا الشخصيات، فقد كانت متنوعة في طبيعتها وطرائق تفكيرها، فكلّ منها له خاصيته في العمل. وبرز منها شخصية الجنرال الكبير في السّن والشّاب المصري -يتحدث باللهجة المصرّية- "الرّيس" دورهما البارز إلى جانب الطفل "علي" لحلّ اللغز، فقد جسّدا حالا من الكوميديا اللطيفة والمحببّة للطفل. كما لا يمكننا إغفال سلامة اللغة العربيّة المدبلجة وانسيابها اللطيف في ذهن الأطفال المشاهدين، حيث كانت مناسبة للفئة المستهدفة، خصوصًا لغة الأغاني ومفرداتها.

يحفل الفيلم بقيم ومبادئ أخرى مهمّة، ومنها الاعتراف بالخطأ، وهذا مثّلته الطبيبة، وهي أخت الطبيب كمال، والتي كانت مصرّة على معالجة المرضى بالعقاقير الطبيّة فحسب، ولكنّها تكتشف حقيقة ما يجري في مصحّة أخيها فتسانده لحلّ المشكلة وتثني على أدائه..

باختصار؛ الفيلم يمثّل انجازًا من الناحية الدراميّة والفنيّة معًا؛ حيث كانت تقنية ثلاثية الأبعاد متقنة إلى أبعد الحدود، في حدود الرسم وزوايا الشخصيات والأمكنة بدقة متناهية من الحفر والألوان وغيرها. وكلّ ذلك ليقول الفيلم ببلاغة شديدة أنّ قدرات وإمكانات أهل البلد هي التي يفترض تشجيعها وتبنيها وتطويرها، ومحاربة كلّ من يقف عائقًا أمام هذا الهدف الوطني الكبير.

بدأت عروض الفيلم، مع حفل الافتتاح يوم الخميس (27/4/2023) في مسرح رسالات بالتعاون مع شركة "ميم"؛ حيث ستبدأ العروض تباعًا في مسرح رسالات وفي مختلف المناطق اللبنانية ابتداءً من ٢٨ نيسان وفي صالات السينما اللبنانية.

 

 

 

المصدر: موقع أمان الأطفال/ د. زينب الطّحان