لماذا يشي طفلك بالآخرين؟

لماذا يشي طفلك بالآخرين؟

"ماما.. بلل أخي ملابسه، تعالي وعاقبيه"، "لم يغسل أبي يديه قبل الأكل"، "ماما.. لماذا تكذبين على جدتي؟"، وكثير مما لا يحصى من العبارات التي تسمعينها طوال اليوم، حتى ما إذا رأيته يجري ويناديك تذكرت صديقتك التي لا تمل من الفتنة والوشاية بالآخرين، وسألت نفسك في حسرة "هل سيكبر طفلي ويصير واشيا يكرهه الناس؟"

 

لماذا يشي طفلك؟

الوشاية ليست سلوكاً سيئاً في المطلق لدى طفلك، فهي دليل على نمو مهاراته في التمييز بين الصواب والخطأ، ويبدأ الأطفال في سن المدرسة الابتدائية رحلتهم الخاصة للتفكير في الأخلاق، وتستمر بقية حياتهم. فقد لاحظ عالم النفس جان بياجيه أن الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 7 و 11 عاماً تقريباً قادرون على تطبيق المنطق على مواقف واضحة لكنهم يعجزون عن فهم الظروف المحيطة للخطأ، التي تدفع الكبار لتجاوز الخطأ مرة وعدم تجاوزه مرات أخرى، ما صاغه بياجيه عام 1965 في ما يعرف بنظرية "التطور المعرفي عند الأطفال".

يمر الأطفال في رحلتهم بـ3 مستويات من التطور الأخلاقي، تبدأ قبل سن دخول المدرسة الابتدائية، يعرفون فيها الصواب والخطأ، ويتبعون الصواب بدافع الخوف من العقاب أو رغبة في المكافأة. ومع دخول المدرسة يفرط الأطفال في تعميم القواعد التي تربّوا عليها، ويقلقون بشدة إذا لم يتبعها الآخرين، بخاصة من ينافسونهم، مثل أشقائهم وأصدقائهم. ويطوّر الأطفال بعد ذلك معرفة بالمجتمع من حولهم، والعواطف الكامنة وراء السلوكات والمبادئ، بعد خوضهم تجارب حياتية مع أقرانهم، ويفهمون معنى التعاطف والاضطرار وحسن النية، مكونين الخبرة التي لن تتوقف عن النضج كلما واجهوا معضلة أخلاقية.

 

عندما تتحول الوشاية إلى رغبة انتقامية

وتفسر النظرية السابقة ما كنا نجهله لكن ثرثرة الأطفال ووشايتهم بالآخرين قد تبلغ حدًّا مزعجا بخاصة عندما يتفننون في إيقاع الآخرين بالمشكلات، ويتغاضون عن الأخطاء الكارثية التي تستحق، كأن يشي طفلك أمام الأسرة بأخيه لأنه يمضغ العلكة بصوت عال، ويصرّ على معاقبته أمام الحضور لكنه لا يخبرك شيئا عن الحريق الذي تسبب فيه بالمطبخ، فما السبب؟

ربما يشير طفلك باستمرار إلى سوء سلوك الأطفال الآخرين بسبب حاجته إلى الاهتمام، والثناء على أفعاله، لكسب مكانة يشعر معها بالتميز ويجذب بها انتباهك، حتى لو كان ذلك بتوريط الآخرين في مشكلات. وقد يكون السبب في ذلك إهمالك له، أو إفراطك في معاقبته على أخطائه، وتساهلك مع إخوته الأكبر أو الأصغر سنا. وقد يكون السبب أيضا رغبته في تقوية نفوذه وسلطته بالمنزل، والتحكم في علاقات الكبار وتصرفاتهم، كأن يراهن على أن تتبعيه إلى غرفة الألعاب، وتعاقبي أخته الصغيرة، ليبدو كالملاك أمام الضيوف إذا قارنوه بها، ويسعد هو بقدرته على تحريكك وتوجيهك كيفما أراد.

وبعض الأحيان قد يتعلق الأمر بعجز طفلك عن حل نزاعاته مع أقرانه الذين يتصرفون معه بعدوانية وأنانية أو لا يستمعون له، فيلجأ إليك لحماية مشاعره وألعابه من الاعتداء.

مواضيع مرتبطة

الطفولة السعيدة تدعم الصحة العقلية وتحمي المراهقين من الاكتئاب والتوتر 

دراسة كندية: وصف الباحثون التجارب الإيجابية في مرحلة الصغر بأنها الشعور بالانتماء للمجتمع.

كيف تساعد قراءة القصص في تطوير المهارات العاطفية للطفل؟

قراءة الروايات والقصص الخيالية تنشط مسارات الخلايا العصبية في الدماغ، ما يساعد في تحسين قدرات الذكاء العاطفي عند القارئ.

كتاب للأطفال يحثّ على زواج الجنس المماثل يثير زوبعة في تونس

دومًا فتّش عن مؤسسات الأم المتحدة التي تزعم حرصها على العلاقات الأسرية وحماية المجتمعات!

كلمات مفتاحية

ارشادات_أُسرية